موجب، والبدل لا يسوّغ إلا في الكلام غير الموجب، كقوله تعالى (وَلا يَلْتَفِتْ مِنْكُمْ أَحَدٌ إِلَّا امْرَأَتَكَ)] هود: ٨١ [وذلك لأنّ أعم العامّ يصح نفيه ولا يصح إيجابه.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
"إن"؛ لأنهما حرفا شرط، والكلامُ معهما موجبٌ. ولذلك قال سيبويه: "لو قلت: لو كان معنا إلا زيدٌ لهلكنا، لكنت قد أحلتَ"، أي: أتيت بممنوع، فصح قول سيبويه أن "لو" لم تُفرغ العامل من بعدها لما بعد "إلا" كما فُرغ بعد النفي، وإن كان ما تدل عليه من الامتناع شبيهاً بالنفي، ولو كانت بذلك مستحقةً لتفريغ ما يليها من العوامل لكانت مستحقةً لغير ذلك مما يختص بحروف النفي، كزيادة "مِن" في معمول ما يليها وإعماله في "أحد".
قال السيرافي شارحاً لقول سيبويه: "لكنت قد أحلت"؛ لأنه يصير المعنى: لو كان معنا زيدٌ لهلكنا؛ لأن البدل بعد "إلا" موجبٌ، وكذا: لو كان فيهما الله لفسدتا، وهذا فاسدٌ. وحكى ابن السراج أن أبا العباس المبرد قال: لو كان معنا إلا زيدٌ أجودُ كلامٍ وأحسنهُ، وكلام المبرد في "المقتضب" مثلُ كلام سيبويه، وأن التفريغ والبدل بعد "لو" غيرُ جائز. انتهى كلامه.
قوله: (وذلك لأن أعم العام يصح نفيه، ولا يصح إثباته)، قيل: مراده أن الاستثناء من أعم العام في طرف النفي غير ممتنع، وفي طرف الإثبات ممتنع؛ يجوز أن تقول: ما في الدار أحدٌ إلا زيدٌ، ولا يصحٌُّ: كان في الدار إلا زيداً، أي: في الدار جميعُ الأشياء إلا زيدٌ. وقال أبو البقاء: لا يجوز نصبُ "غير" على الاستثناء لوجهين، أحدهما: أنه فاسدٌ في المعنى، وذلك أنك إذا قلت: لو جاءني القومُ إلا زيداً لقتلتهم، كان معناه: أن القتل امتنع لكون زيدٍ مع


الصفحة التالية
Icon