يؤمروا به. وجميع ما يأتون ويذرون مما قدّموا وأخروا بعين الله، وهو مجازيهم عليه، فلإحاطتهم بذلك يضبطون أنفسهم، ويراعون أحوالهم، ويعمرون أوقاتهم. ومن تحفظهم أنهم لا يجسرون أن يشفعوا إلا لمن ارتضاه الله وأهله للشفاعة في ازدياد الثواب والتعظيم، ثم إنهم مع هذا كله من خشية الله (مُشْفِقُونَ) أى متوقعون من
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
يدي اللَّهِ وَرَسُولِهِ) [الحجرات: ١]: هو تمثيلٌ، وفيه تصويرُ الهُجنةِ والشناعةِ فيما نهُهوا عنهُ من الإقدام على أمرٍ من الأمور دون الاحتذاء على الكتاب والسُّنة.
قوله: (بعين الله)، أي: بمراقبة الله، وهو حالٌ، وقال في طه: (عَلَى عَيْنِي) [طه: ٣٩] أي: أنا أراقبُك كما يُراقبُ الرجلُ الشيء بعينه: إذا اعتنى به.
قوله: (فلإحاطتهم بذلك)، معناه: بسبب إحاطة الملائكة بأن الله تعالى مراقبٌ لأحوالهم كلها، وأنه يعلمُ ما بين أيديهم وما خلفهم يضبطون جميع أحوالهم، وبعضُ ذلك الضبط أنهم لا يشفعون إلا لمن ارتضى، فدل هذا الكلام على أن قوله تعالى: (وَلا يَشْفَعُونَ) عطفٌ على محذوفٍ هو مسببٌ عن جملة قوله: (يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ)، وأن ذلك المحذوف عامٌّ في جميع ما يجب أن يُراعى ويحفظ من الأحوال، وقوله: (وَلا يَشْفَعُونَ) بعض منها، وإليه الإشارة بقوله "يضبطون أنفسهم، ويراعون أحوالهم ويعمرون أوقاتهم"، فقوله: (وَهُمْ مِنْ خَشْيَتِهِ مُشْفِقُونَ) تتميمٌ في غاية الحُسن لضبط أنفسهم، ورعاية أحوالهم كلها سابقها ولاحقها؛ ولذلك قال: "من أمارةٍ ضعيفةٍ كائنون على حذر"، وعن بعضهم، أي: يقولون: لعلنا نقصرُ في عبادة الله، والمؤمنون متوقعون من أمارة قوية لكثرة ذنوبهم. وفيه أن الصغيرة جائزةٌ للتعذيب.
قوله: (للشفاعة في ازدياد الثواب والتعظيم)، مذهبه.