(وَجَعَلْنا فِي الْأَرْضِ رَواسِيَ أَنْ تَمِيدَ بِهِمْ وَجَعَلْنا فِيها فِجاجاً سُبُلاً لَعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ (٣١) وَجَعَلْنَا السَّماءَ سَقْفاً مَحْفُوظاً وَهُمْ عَنْ آياتِها مُعْرِضُونَ) [الأنبياء: ٣١ - ٣٢].
أى: كراهة (أَنْ تَمِيدَ بِهِمْ) وتضطرب. أو لأن تميد بهم، فحذف «لا» واللام.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
عنه صلواتُ الله وسلامه عليهن أي: ما أنا في شيءٍ من اللهو واللعب، والتعريفُ في الثاني: للعهد، أي: ولا ذلك النوع مني، وإنما لم يقل: ولا هو مني لأن الصريح آكد وأبلغ. وقيل: اللامُ للجنس. قال: واختار الزمخشري الأول وقال: ليس يحسنُ أن تكون للجنس؛ لأنه يخرجُ الكلام عن التئامه، والكلام جملتان وفي الموضعين المضافُ محذوف، أي: ما أنا من أهل ددٍ، ولا الددُ من أشغالي. قال أبو عليٍّ: قد جاء: "موالي القوم منهم"، و"الأذُنانِ من الرأس" وقال تعالى: (الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ) [التوبة: ٦٧]، أي: بعضٌ يُلابس بعضاً ويوالي بعضاً، وليس المعنى على النسل والولادة؛ لأنه قد يكونُ من نسل المنافق مؤمنٌ وبالعكس. وعن بعضهم: أي: ما أنا لعبي ولا الددينوي، كقوله تعالى: (أَمْ اتَّخَذُوا آلِهَةً مِنْ الأَرْضِ) أي: آلهةً أرضيةً، أي: جعلنا كل رطبٍ مائياً.
قوله: (أي: كراهة (أَنْ تَمِيدَ بِهِمْ) وتضطرب، أو لأن لا تميد بهم)، الانتصاف: وأولى من هذين الوجهين أن يكون مثل قولك: أعددتُ هذه الخشبة أن يميل الحائط، أي: أعددتها أن أدعم الحائط بها إذا مال، وقدم ذكر الميل عنايةً بأمره، ولأنه السبب في الإدعام، والإدعامُ سببُ إعدادِ الخشبة، فعامل سبب السببِ معاملةَ السبب، فكذا هذا، أي: يُثبتها إذا مادت. المعنى: خلقنا في الأرض رواسي لأن تستقر الأرضُ بها إذا مادت، قال: هذا أقربُ من قول الزمخشري، إذ مكروه الله تعالى محالٌ أن يقع، ولأن المُشاهد خلافُه،