ثم قال: بل ما هم فيه من الحفظ والكلاءة إنما هو منا، لا من مانع يمنعهم من إهلاكنا، وما كلأناهم وآباءهم الماضين إلا تمتيعا لهم بالحياة الدنيا وإمهالا، كما متعنا غيرهم من الكفار وأمهلناهم (حَتَّى طالَ عَلَيْهِمُ) الأمد، وامتدت بهم أيام الروح والطمأنينة، فحسبوا أن لا يزالوا على ذلك لا يغلبون ولا ينزع عنهم ثوب أمنهم واستمتاعهم، وذلك طمع فارغ وأمل كاذب.
(أَفَلا يَرَوْنَ) أَنَّا ننقص أرض الكفر ودار الحرب، ونحذف أطرافها بتسليط المسلمين عليها وإظهارهم على أهلها وردّها دار إسلام. فإن قلت: أى فائدة في قوله (نَاتِي الْأَرْضَ)؟ قلت فيه تصوير ما كان الله يجريه على أيدى المسلمين، وأن عساكرهم وسراياهم كانت تغزو أرض المشركين وتأتيها غالبة عليها، ناقصة من أطرافها.
(قُلْ إِنَّما أُنْذِرُكُمْ بِالْوَحْيِ وَلا يَسْمَعُ الصُّمُّ الدُّعاءَ إِذا ما يُنْذَرُونَ (٤٥) وَلَئِنْ مَسَّتْهُمْ نَفْحَةٌ مِنْ عَذابِ رَبِّكَ لَيَقُولُنَّ يا وَيْلَنا إِنَّا كُنَّا ظالِمِينَ) [الأنبياء: ٤٥ - ٤٦].
قرئ (وَلا يَسْمَعُ الصُّمُّ) "ولا تسمع الصم"، بالتاء والياء، أي: لا تسمع
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (ونحدقُ أطرافها)، بفتح النون، وفي أكثر النسخ: "نحذفُ" بالفاء.
الجوهري: حدقوا بالرجل وأحدقوا به: أحاطوا. وقال: حذفته بالعصا، أي: رميته بها، وحذفتُ رأسه بالسيف: إذا ضربته وقطعت منه قطعةً.
قوله: (أي فائدةٍ في قوله: (نَاتِي الأَرْضَ)؟ )، يعني: كان ذلك واقعاً فلم جيء بالمضارع؟
قوله: (غالبةً عليها)، وفي نسخةٍ: بالياء. الأساس: تغالى النبتُ: ارتفع.
قوله: (قرئ: (وَلا يَسْمَعُ الصُّمُّ))، ابن عامر: "ولا تُسمعُ" بالتاء الفوقانية مضمومةً وكسر الميم، و"الصُّمَّ": بالنصب، والباقون: بالياء مفتوحةً وفتح الميم، و"الصُمَّ": بالرفع.