الإضلال عن طريق الجنة والهداية إلى النار. وما أرى رؤساء أهل الأهواء والبدع والحشوية المتلقبين بالإمامة في دين الله إلا داخلين تحت كل هذا دخولا أوليا، بل هم أشدّ الشياطين إضلالا وأقطعهم لطريق الحق، حيث دوّنوا الضلال تدوينا ولقنوه أشياعهم تلقينا، وكأنهم ساطوه بلحومهم ودمائهم، وإياهم عنى من قال:

يا ربّ مقفوّ الخطا بين قومه طريق نجاة عندهم مستو نهج
ولو قرءوا في الّلوح ما خطّ فيه من بيان اعوجاج في طريقته عجّوا
اللهم ثبتنا على المعتقد الصحيح الذي رضيته لملائكتك في سمواتك، وأنبيائك في أرضك، وأدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين. والكتبة عليه مثل، أى: كأنما كتب إضلال من يتولاه عليه ورقم به لظهور ذلك في حاله.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وإليه الإشارةُ بقوله: "والكتبةُ عليه مثلٌ، أي: كأنما كُتب إضلالُ من يتولاه عليه، ورُقِمَ به لظهور ذلك في حالهِ".
قوله: (ساطوُهُ بلحومهم)، الجوهري: السوطُ: خلطُ الشيء بعضه ببعض.
النهاية: ومنه حديث عليٍّ مع فاطمة رضي الله عنهما: "مَسُوطٌ لحمُها بدمي، ولحمي بدمها"، أي: ممزوجٌ مخلوط.
قوله: (ويا رُبَّ مقفوٍّ الخُطا) البيت، مقفوٌّ: من قفوتُ الرجل: إذا تبعته. النهج الطريقُ الواضح. عجوا: صاحوا، نحاهُ، بالحاءِ المهملة، عن الصغاني: أي: قصد. يقولُ. رُبَّ رجُلٍ مفيدٍ في قومه، متبوعٍ في حزبه، عندهم أنه على صراطٍ مستقيم، ولو قرؤوا ما في اللوح المحفوظ من ضلالته وغوايته ضجُّوا متضرعين إلى الله تعالى من أن يكونوا مثله.


الصفحة التالية
Icon