ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
جعله معطوفاً على (أنَّهُ) مع ما في حيزها، وما يتصلُ بها على تقدير حذفِ الجزاء. المعنى: كُتِبَ على الشيطان أنهُ من تولاه يُهلكه، فإنه يُضله عن طريق الجنة وثوابها، ويهديه إلى طريق السعير وعذابها، فالفاء مثلها في قوله: (فَتُوبُوا إِلَى بَارِئِكُمْ فَاقْتُلُوا أَنفُسَكُمْ) [البقرة: ٥٤] والكلامُ متضمنٌ لأمورٍ مترتبةٍ بعضها على بعض، وهذا أقضى لحق البلاغة مما ذهب إليه أبو علي، وأشرحُ.
ويدلُّ على هذا التقدير قوله في تفسير قوله تعالى: (أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّهُ مَنْ يُحَادِدْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَأَنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ) [التوبة: ٦٣]، قال: ويجوزُ أن يكون (فَأَنَّ لَهُ) معطوفاً يهلك؟ فإن له نار جهنم، فاندفع بهذا قول صاحب "التقريب": وفي عطف (فَأَنَّهُ) على (أَنَّهُ) قبل تمام صلته، وعلى الثاني: تخللُ العطف بين أجزاء الشرطية والعطف قبل التمام. والأولى أن يُقدر بعد الفاء، وهي الجزائيةُ، مبتدأُ أو خبر، أي: فالأمرُ أنه، أو: فحقٌّ أنه، على أنه وافق المصنف في قوله: (أَنَّهُ مَنْ يُحَادِدْ اللَّهَ) الآية [التوبة: ٦٣]، وقال: جواب الشرط محذوفٌ، وهو: يهلك، و (فَأَنَّ لَهُ): عطفٌ على (أنَّهُ)، أي: ألم يعلموا هذا، فهذا فلا يُلتفتُ إلى مخالفته هاهنا، وأما قوله: يلزمُ تخللُ العطف بين أجزاء الشرطية فهو واردٌ على تقدير الزجاج إذا جعل (فَأَنَّه) مكرراً، وهو أيضاً ضعيفٌ؛ لأنهم عدوا مثل ها التخللِ من المحسنات البديعية. وعن بعض الفضلاء أن الضمير في (َأَنَّهُ) للمُجادل، أي: كُتِبَ على الشيطان أن المجادل من تولاه، (فَأَنَّهُ يُضِلُّهُ): عطف عليه، فلا يلزم المحذوران اللذان ذكرهما صاحب "التقريب". ويدفعه إرادةُ العموم من الآية وتعسفُ هذا المعنى. ويقالُ أيضاً: دل تقديرُ المصنف رحمةُ الله تعالى عليه كأنما كُتبَ إضلالُ من يتولاهُ على أن ما بعد الفاء إما جواب الشرط، أو خبرٌ للمبتدأ المتضمن معنى الشرط، ويأباه قوله: و"الثاني عطفٌ عليه"، لكن تقدير ذلك تحريرُ المعنى وتلخيصه.