لم يتصور كونه، وهو بِأَنَّ (اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ) أى الثابت الموجود، وأنه قادر على إحياء الموتى وعلى كل مقدور، وأنه حكيم لا يخلف ميعاده، وقد وعد الساعة والبعث، فلا بدّ أن يفي بما وعد.
[(وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُجادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَلا هُدىً وَلا كِتابٍ مُنِيرٍ (٨) ثانِيَ عِطْفِهِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ لَهُ فِي الدُّنْيا خِزْيٌ وَنُذِيقُهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ عَذابَ الْحَرِيقِ (٩) ذلِكَ بِما قَدَّمَتْ يَداكَ وَأَنَّ اللَّهَ لَيْسَ بِظَلاَّمٍ لِلْعَبِيدِ)].
عن ابن عباس أنه أبو جهل بن هشام. وقيل: كرر كما كررت سائر الأقاصيص. وقيل: الأوّل في المقلدين، وهذا في المقلدين. والمراد ب"العلم": العلم الضروري. وب"الهدى": الاستدلال والنظر، لأنه يهدى إلى المعرفة. وبـ"الكتاب المنير":
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
إنما كان ليُظهر أن الله هو الموجود الحي الأزليُّ الدائم، والحكيم العالم بدقائق الأشياء وعظائمها، وأنه القادرُ على ما يرتابون فيه من البعث، على كل ما يدخل تحت القدرة من الممكنات، وإنما كان ذلك لئلا يُخلف وعده من جزاء المحسن والمسيء لإتيان الساعة، وبعث من في القبور، فسبيل (وَأَنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ) من قوله: (وَأَنَّ اللَّهَ يَبْعَثُ مَنْ فِي الْقُبُورِ) سبيلُ قوله تعالى: (إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) من قوله تعالى: (وَأَنَّهُ يُحْيِ الْمَوْتَى)، لكن قدم وأخر لرعاية الفواصل.
قوله: (وقيل: كُرر كما كررت سائر الأقاصيص) عطفٌ على قوله: "عن ابن عباس: أنه أبو جهل"، يعني: أن قوله تعالى: (وَمِنْ النَّاسِ مَنْ يُجَادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ) إما نازلٌ في أبي جهل كما قال ابن عباس، أو نازلٌ في النضر بن الحارث كما ذكر أن قوله: (وَمِنْ النَّاسِ مَنْ يُجَادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّبِعُ كُلَّ شَيْطَانٍ مَرِيدٍ) نازلٌ فيه فكُررت قصته كما كررت أقاصيص سائر المعاندين، أو كرر ليناط به ما لم ينط به أولاً، (وَيَتَّبِعُ كُلَّ شَيْطَانٍ مَرِيدٍ) نازلٌ فيه ليكون ذماً للمقلدين، وثانياً قوله: (لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ) ليكون ذماً للمقلدين بفتح اللام.
قوله: (والمرادُ بالعلم العلمُ الضروريُّ)، قال الإمام: المعنى أنه يجادل من غير معرفة