منهم تلك النيران كالثياب المظاهرة على اللابس بعضها فوق بعض. ونحوه (سَرابِيلُهُمْ مِنْ قَطِرانٍ)] إبراهيم: ٥٠ [. (الْحَمِيمُ) الماء الحار. عن ابن عباس رضى الله عنه: لو سقطت منه نقطة على جبال الدنيا لأذابتها (يُصْهَرُ) يذاب. وعن الحسن بتشديد الهاء للمبالغة، أى: إذا صبّ الحميم على رؤوسهم كان تأثيره في الباطن نحو تأثيره في الظاهر، فيذيب أحشاءهم وأمعاءهم كما يذيب جلودهم، وهو أبلغ من قوله (وَسُقُوا ماءً حَمِيماً فَقَطَّعَ أَمْعاءَهُمْ)] محمد: ١٥ [و"المقامع": السياط. في الحديث: «لو وضعت مقمعة منها في الأرض فاجتمع عليها الثقلان ما أقلوها»، وقرأ الأعمش: "ردوا فيها". والإعادة والرد لا يكون إلا بعد الخروج، فالمعنى: كلما أرادوا أن يخرجوا منها من غم فخرجوا أعيدوا
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (ما أقلوها)، النهاية: وفي حديث العباس: "فحثا في ثوبه، ثم ذهب يُقله، فلم يستطع". يقال: أقل الشيء يُقله، واستقله يستقله: إذا رفعه وحمله. وإنما قال المصنف رحمة الله تعالى عليه: "ما أقلوها"، ولم يقل: ما رفعوها؛ ليؤذن بأنهم استقلوا قواهم لرفعها.
قوله: (أن يخرجوا منها من غم فخرجوا) ولابد من هذا التقدير؛ لأنه تعالى جعل إرادة الخروج سبباً للإعادة، وإنما السبب نفسُ الخروجن وفائدةُ الحذف الإشعارُ بسرعة تعلق الإرادة بالإعادة، وأنه حين تعلقت إرادتهم بالخروج حصل وترتب عليه الإعارة، كأن إرادة الخروج نفس الخروج، فأعيدوا بلا مكث، ومن ثم حسن تأويل الحسن الخروج بكونهم في أعلى النار، والإعادة بالهوي إليها، ومن الأسلوب قوله تعالى: (واللَّهُ أَنْبَتَكُمْ مِنْ الأَرْضِ نَبَاتاً) [نوح: ١٧]، قال الزجاج: أراد الله إنباتكم فنبتم نباتاً. قيل: فائدته: التنبيه على سرعة نفاذ قدرة الله تعالى فيم أراد كونه، كأن إنبات الله نفس النبات.