لكم الأكل منها والإطعام (الْقانِعَ) السائل، من قنعت إليه وكنعت: إذا خضعت له وسألته قنوعا (وَالْمُعْتَرَّ) المعترض بغير سؤال، أو "القانع" الراضي بما عنده وبما يعطى من غير سؤال، من قنعت قنعا وقناعة.
و"المعتر": المعترض بسؤال. وقرأ الحسن: و"المعترى". وعرّه وعراه واعتراه واعتره: بمعنى.
وقرأ أبو رجاء: "القنع"، وهو الراضي لا غير. يقال: قنع فهو قنع وقانع.
منّ الله على عباده واستحمد إليهم بأن سخر لهم البدن مثل التسخير الذي رأوا وعلموا، يأخذونها منقادة للأخذ طيعة فيعقلونها ويحبسونها صافة قوائمها، ثم يطعنون في لباتها. ولولا تسخير الله لم
تطق، ولم نكن بأعجز من بعض الوحوش التي هي أصغر منها جرما وأقل قوّة، وكفى بما يتأبد من الإبل شاهدا وعبرة.
[(لَنْ يَنالَ اللَّهَ لُحُومُها وَلا دِماؤُها وَلكِنْ يَنالُهُ التَّقْوى مِنْكُمْ كَذلِكَ سَخَّرَها لَكُمْ لِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلى ما هَداكُمْ وَبَشِّرِ الْمُحْسِنِينَ) ٣٧].
أي: لن يصيب رضا الله اللحوم المتصدق بها ولا الدماء المهراقة بالنحر، والمراد أصحاب اللحوم والدماء، والمعنى: لن يرضى المضحون والمقرّبون ربهم إلا بمراعاة النية والإخلاص والاحتفاظ بشروط التقوى في حل ما قرب
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (واستحمد إليهم). الأساس: واستحمد الله على خلقه بإحسانه إليهم، وإنعامه عليهم، يعني: أن الله تعالى من على عباده بقوله: (كَذَلِكَ سَخَّرَهَا لَكُمْ) وطلب منهم أن يشكروه بسبب تسخيره لهم ذلك البُدن العظيم تسخيراً مثل ذلك التسخير العجيب الشأن الذي عرفوهُ وعلموه، ونبه عليه بقوله: (فَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهَا صَوَافَّ فَإِذَا وَجَبَتْ جُنُوبُهَا فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا) الآية. قال أبو البقاء: (كَذَلِكَ) الكافُ: نعتٌ لمصدرٍ محذوف، أي: سخرناها تسخيراً مثل ما ذكرنا.