المسلمين وعلى أهل الكتاب الذين في ذمتهم وهدموا متعبدات الفريقين. وقرئ: "دفاع". و"لهدمت": بالتخفيف. وسميت الكنيسة «صلاة» لأنه يصلى فيها. وقيل: هي كلمة معرّبة، أصلها بالعبرانية: صلوثا (مَنْ يَنْصُرُهُ) أى ينصر دينه وأولياءه: هو إخبار من الله عز وجل بظهر الغيب عما ستكون عليه سيرة المهاجرين رضى الله عنهم إن مكنهم في الأرض وبسط لهم في الدنيا، وكيف يقومون بأمر الدين. وعن عثمان رضى الله عنه: هذا والله ثناء قبل بلاء. يريد: أنّ الله قد أثنى عليهم قبل أن يحدثوا من الخير ما أحدثوا. وقالوا: فيه دليل على صحة أمر الخلفاء الراشدين، لأنّ الله لم
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (وقرئ: "دفاعُ")، قرأها نافعٌ وابن كثير.
قوله: (يريد أن الله أثنى عليهم قبل أن يحدثوا من الخير ما أحدثوا)، وذلك أن قوله تعالى: (الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ) الآية بدلٌ من (الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيارِهِمْ)، وهو من قوله: (لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ)، وكان ذلك وارداً على سنن الوعد للمهاجرين الذين أُخرجا من ديارهم بغير حق بما سيكون من نصرهم على من ظلمهم، فيكون تمكنهم في الأرض الذي هو سبب تمدحهم بقوله: (أَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوْا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنْ الْمُنْكَرِ) ثناء قبل بلاء، وأما إتيانُ "إنْ" الشرطية في قوله: (إِنْ مَكَّنَّاهُمْ) فمن قبيل عسى ولعل من أمثال الجبابرة في المواعيد كما مر آنفاً، الله أعلم.
قوله: (فيه دليلٌ على صحة أمر الخلفاء الراشدين رضي الله تعالى عنهم)، يعني: أدمج هذا المعنى في إبدال (الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيارِهِمْ) بقوله: (الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الأَرْضِ) الآية. قال الإمامُ: إن الله تعالى وصف المهاجرين بأنه إن مكنهم في الأرض فإنهم يأتون بالأمور الأربعة؛ وهي: إقامة الصلاة، وإيتاء الزكاة، والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، فقد ثبت ذلك في الأئمة الأربعة. فإذا ثبت ذلك، وجب أن يكونوا على الحق، ولا يجوزُ حملُ الآية على أمير المؤمنين عليٍّ وحده كرم الله وجهه؛ لأن الآية دالةٌ على الجمع.


الصفحة التالية
Icon