أي اثبت في دينك ثباتا لا يطمعون أن يجذبوك ليزيلوك عنه. والمراد: زيادة التثبيت للنبي ﷺ بما يهيج حميته ويلهب غضبه لله ولدينه. ومنه قوله (وَلا يَصُدُّنَّكَ عَنْ آياتِ اللَّهِ)] القصص: ٨٧ [، (وَلا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُشْرِكِينَ)] الأنعام: ١٤ [، ] يونس: ١٠٥ [، ] القصص: ٨٧ [، (فَلا تَكُونَنَّ ظَهِيراً لِلْكافِرِينَ)] القصص: ٨٦ [. وهيهات أن ترتع همة رسول الله ﷺ حول ذلك الحمى، ولكنه وارد على ما قلت لك من إرادة التهييج والإلهاب.
وقال الزجاج: هو من نازعته فنزعته أنزعه، أى: غلبته، أى: لا يغلبنك في المنازعة.
فإن قلت: لم جاءت نظيرة هذه الآية معطوفة بالواو وقد نزعت من هذه؟ قلت:
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (أنزعُه)، قال في "فاعلتُه ففعلتُه"، يقالُ: أفعلُه" إنما يُضمُّ إذا لم يكن عينُه أو لامُه حرفَ حلق، فإنه يتركُ على ما عليه الاستعمال. قيل: فيه نظرٌ؛ لأن المختار الضمُّ عند الأكثرين، وهذا المذكورُ منقولٌ عن الكسائي، وقد رده العلماء.
قال سيبويه: وليس في كل شيء يكونُ هذا، أي: باب المغالبة، ألا ترى أنك لا تقول: نازعني فنزعته، استثنى عنه بغلبته في "المفصل".
قوله: (هذه الآية)، وهي قوله تعالى: (لِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنسَكاً هُمْ نَاسِكُوهُ) [الحج: ٦٧]، ونظيرتها: (وَلِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنْسَكاً لِيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الأَنْعَامِ) [الحج: ٣٤]، وهو معطوفٌ على قوله تعالى: (وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ)، ومن تتمة الكلام مع المؤمنين، أي: الأمر ذلك، المطلوبُ تعظيمُ شعائر الله وتقوى القلوب، وليس هذا مما يختص بكم، إذ كلُّ أمةٍ مخصوصٌ بنُسكٍ وعبادة، وهذه الآيةُ تقدمةُ نهي النبي ﷺ عن ما يوجب منازعةَ القوم وتسليةٌ له، وتعظيمٌ لأمره، حيثُ جعلَ أمرهُ نُسكاً وديناً، يعني: شأنك وشأنُ أمثالك من الأنبياء والمرسلين عليهمُ


الصفحة التالية
Icon