"قَدْ" نقيضة «لما» هي تثبت المتوقع و «لما» تنفيه، ولا شك أن المؤمنين كانوا متوقعين لمثل هذه البشارة وهي الإخبار بثبات الفلاح لهم، فخوطبوا بما دل على ثبات ما توقعوه. والفلاح: الظفر بالمراد. وقيل: البقاء في الخير. و (أَفْلَحَ) دخل في الفلاح،
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
شيء، وقلتُ: قد ذكرنا هناك أن الزجاج ذهب إلى أنه جواب القسم على تقدير اللام، والنظم يساعد عليه، وهو أبعدُ تعسفاً.
قوله: (وهي الإخبار بثبات الفلاح لهم)، قال في قوله: (وَمَنْ يَعْتَصِمْ بِاللَّهِ فَقَدْ هُدِيَ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ) [آل عمران: ١٠١]، من يعتصم بالله فقد حصل له الهدى لا محالة، كما تقول: إذا جئت فلاناً، فقد أفلحت، كأن الهدى قد حصلن فهو يخبر عنه حاصلاً، وإليه أشار بقوله: "فخوطبوا بما دل على ثبات ما توقعوه". فإن قلت: إن قد لتوقع مدخوله، فيفيد أن حصول الفلاح كان متوقعاً، وأما البشارة كانت متوقعة فلا. المفلحُ: هو الفائز بالبغية، والمؤمنون وإن فازوا بالهدى عاجلاً بالأعمال الصالحة الظفر على أعداء الدين لكن الفوز الحقيقي الذي هو الفلاح لا يثبت إلا في الآخرة، كما قال تعالى: (أُوْلَئِكَ عَلَى هُدًى مِنْ رَبِّهِمْ وَأُوْلَئِكَ هُمْ الْمُفْلِحُونَ) [البقرة: ٥]، فكانوا متوقعين البشارة من جانب الله بذلك. فقيل لهم: (قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ) إلى قوله تعالى: (أُوْلَئِكَ هُمْ الْوَارِثُونَ (١٠) الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ).
قوله: (والفلاح: الظفرُ)، الراغب: قولهم في الأذان: حي على الفلاح، أي: على الظفر الذي جعله الله تعالى لنا بالصلاة.
قوله: (وقيل: البقاءُ في الخير)، قال الفراء قد هنا يجوز أن تكون تأكيداً لفلاح المؤمنين،