لأنّ الخلق ليسوا بفاعليها. وقد أنشد لأمية ابن أبى الصلت:
المطعمون الطّعام في السّنة الـ | أزمة والفاعلون للزّكوات |
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
كما تقول: أنبت الربيع البقل، فإن الفاعل عند اللغوي هو الربيع، إذ هو مرتفعٌ به؛ لأنه لا يُنظرُ إلى أن الربيع لا يصح منه هذا الفعل حقيقةً؛ لأن ذلك من وظيفة الموحدِ المعتقد.
قوله: (المطعمون الطعام)، البيت، الأزمة: السنةُ القحطُ، يقال: أزم علينا الدهر، أي: اشتد.
قوله: (لأنها فيه مجموعةٌ)، أي: لفظ الزكاة في البيت مجموعةٌ، والمصدرُ لا يجمع في الأغلب، وقد جُمع في قوله تعالى: (وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَ) [الأحزاب: ١٠]. وقلتُ: يُعلمُ من مفهوم قوله: "وحملُ البيت على هذا أصح" أن حمل الآية على الفعل أصح. قال السجاوندي: لما كانت الزكاة توجب زكاء المال، كان لفظ الفعل أليق به من لفظ الأداء، كأنه قيل: لأجل زكاء المال يفعلون ما يفعلون، فالمؤدى يصير زكاةً بفعل المزكي. وفي (فَاعِلُونَ) إشارةٌ إلى المداومة ما ليس في الأداء، تقول: هذا فعله، أي: شأنه ودأبه وعادته، وهذا يشعر بأن حمل الزكاة على المعنى أولى من غيره.
الراغب: قوله تعالى: (وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكَاةِ فَاعِلُونَ) أي: يفعلون ما يفعلون من العبادة ليزكيهم الله، أو ليزكوا أنفسهم، المعنيان واحد، وليس قوله: (لِلزَّكَاةِ) مفعولاً له لقوله: (فَاعِلُونَ) بل اللامُ للقصد والعلة.
وقال صاحب "الكشف": معنى الآية: الذين هم لأجل الطهارة وتزكية النفس عاملون الخير، فليس المراد من هذا الكلام: أنهم يؤدون الزكاة؛ لأنه لا يقال: فعلتُ الزكاة