[(وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حافِظُونَ (٥) إِلاَّ عَلى أَزْواجِهِمْ أَوْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ (٦) فَمَنِ ابْتَغى وَراءَ ذلِكَ فَأُولئِكَ هُمُ العادُونَ) ٥ - ٧].
(عَلى أَزْواجِهِمْ) في موضع الحال، أى الأوّالين على أزواجهم. أو قوّامين عليهنّ، من قولك: كان فلان على فلانة فمات عنها فخلّف عليها فلان. ونظيره: كان زياد على البصرة، أى: واليا عليها. ومنه قولهم: فلانة تحت فلان. ومن ثم سميت المرأة فراشا. والمعنى: أنهم لفروجهم حافظون في كافة الأحوال، إلا في حال تزوّجهم أو تسريهم، أو تعلق (عَلى) بمحذوف يدل عليه (غَيْرُ مَلُومِينَ) كأنه قيل: يلامون إلا على أزواجهم، أى: يلامون على كل مباشر إلا على ما أطلق لهم، فإنهم غير ملومين عليه. أو تجعله صلة لحافظين، من قولك: احفظ علىّ عنان فرسي، على تضمينه معنى النفي، كما ضمن قولهم: نشدتك بالله إلا فعلت معنى ما طلبت منك إلا فعلك.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وقول المرزوقي فيه: وإن هي غرتك باللين ومنحتك المحبة منحاً بالغاً. مع أن تنظيره بالآيتين بعيدٌ؛ لأنهما ليسا من هذا القبيل في شيء، وقوله تعالى: (وَدَعْ أَذَاهُمْ) [الأحزاب: ٤٨] معناه غير ما ذكره، فانظر إلى مقامه لتعرفه.
قوله: (على تضمينه معنى النفي)، رُوي أنه قول المبرد، أي: تضمين (حَافِظُونَ)، فإن معنى احفظ على عنان فرسي: ارقبني، ولا تغفل عني. وجاء في بعض التفاسير: الحفظ في الأصل، ضبطُ الشيء في النفس. وهو ضد النسيان، ولما كان في ضبط الشيء المنعُ من الذهاب قيل لمن لا يضيع الشيء ضبطاً: الحافظ، والحافظُ: المانع. "المُغرب": الحفظُ: خلافُ النسيان، وقد يُجعل عبارةً عن الصون وترك الابتذال، يقالُ: فلانٌ يحفظُ نفسه ولسانه، أي: لا يبتذله فيما لا يعنيه.
والظاهر أن المجموع من العامل ومعموله في معنى المانعون، أو غير مبتذلين، ألا ترى كيف جعل "نشدتك الله" في معنى: ما طلبتُ، وكذلك معنى "احفظ علي عنان فرسي": لا تغفل عني، ومنه قولُ الراغب: الحافظون فروجهم إلا على أزواجهم كنايةً عن العقد، أي: