جعل المستثنى حدا أوجب الوقوف عنده، ثم قال: فمن أحدث ابتغاء وراء هذا الحدّ مع فسحته واتساعه، وهو إباحة أربع من الحرائر، ومن الإماء ما شئت (فَأُولئِكَ هُمُ) الكاملون في العدوان المتناهون فيه. فإن قلت: هل فيه دليل على تحريم المتعة؟
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (جعل المستثنى حداً أوجب الوقوف عنده)، أي: بالغ في الفسحة والاتساع حيث أضاف الأزواج إليهم، هي ما عهد من قوله: (فَانكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلاثَ وَرُبَاعَ) [النساء: ٣] الآية، وإليه الإشارة بقوله: "وهو إباحة أربع من الحرائر، ومن الإماء ما شئت"، كأنه قيل: ومن طلب الفسحة أوسع من هذا الذي انتهى غايته فهو المتناهي في العدوان والكامل فيه. دل على الكمال: التعريف في (الْعَادُونَ) فإنه للجنس، وعلى التسجيل: دلالةُ (أُوْلَئِكَ) فإنه دل على أن ما قبله جديرٌ بما بعده لما بين من الفسحة والاتساع.
قوله: (على تحريم المتعة)، النهاية: هو النكاح إلى أجل معين، وهو من التمتع بالشيء: الانتفاع به، يقال: تمتعتُ به أتمتعُ تمتعاً، والاسمُ: المتعةُ ينتفع بها إلى أمدٍ معلوم. وقد كان مباحاً في أول الإسلام ثم حُرم، وهو الآن جائزٌ عند الشيعة.
وأما قول المصنف: "إذا صح النكاح"، فالمراد: إذا صح النكاحُ، المؤجل فلا يحرمُ، وحين لم يصح بالدلائل الدالة لم يصح بجزم.
قال الإمام: رُوي عن القاسم بن محمدٍ أن الآية تدل على تحريم المتعة. وتقريرهُ أنها ليست زوجةً له، فوجب أن لا تحل له، إنما قلنا: إنها ليست زوجةً لأنهما لا يتوارثان بالإجماع، ولو كانت زوجةً له لحصل التوارث، لقوله تعالى: (وَلَكُمْ نِصْفُ مَا تَرَكَ أَزْوَاجُكُمْ) بالنساء: ١٢]، فوجب أن لا تحل له لقوله تعالى: (إِلاَّ عَلَى أَزْوَاجِهِمْ).
وقلتُ: ولا ارتياب أن هذه الصفات جاريةٌ في معرض المدح، وتعظيم أمر المؤمنين،