"لو سرقت فاطمة بنت محمد لقطعت يدها". وقوله: ﴿إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ﴾ من باب التهييج وإلهاب الغضب لله ولدينه. وقيل: لا تترحموا عليهما حتى تعطلوا الحدود، أو حتى لا توجعوهما ضرباً. وفي الحديث: "يؤتي بوال نقص من الحد سوطاً، فيقول: رحمةٌ لعبادك، فيقال له: أنت أرحم بهم مني! فيؤمر به إلى النار. ويؤتي بمن زاد سوطاً، فيقول: لينتهوا عن معاصيك. فيؤمر به إلى النار"، وعن أبي هريرة: إقامة حد بأرض خيرٌ لأهلها من مطر أربعين ليلة. وعلى الإمام أن ينصب للحدود رجلاً
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (لو سرقت فاطمة)، روينا عن البخاري ومسلم والترمذي وأبي داود، عن عائشة قالت: إن قريشاً أهمهم شأن المرأة المخزومية التي سرقت، فقالوا: من يكلم فيها رسول الله - ﷺ -؟ فقالوا: ومن يجترئ عليه إلا أسامة بن زيد حب رسول الله - ﷺ -؟ فكلمه أسامة، فقال رسول الله - ﷺ -: أتشفع في حد من حدود الله؟ إلى قوله: وايم الله، لو أن فاطمة بنت محمد- عليهما السلام- سرقت لقطعت يدها.
قوله: (وقيل: لا تترحموا عليهما)، هذا تفسيرٌ آخر لقوله تعالى: ﴿وَلَا تَاخُذْكُمْ بِهِمَا رَافَةٌ﴾، والفرق أن على الأول تحريضٌ على إقامة الحد نفسه، والثاني على إقامته مع الإيجاع فيه، يدل على الأول قوله: "ولا يأخذكم اللين في استيفاء حدود الله تعالى"، وعلى الثاني: قوله: "أو حتى لا توجعوهما ضرباً".
قوله: (إقامة حد بأرض)، عن ابن ماجه، عن عبد الله بن عمر، أن رسول الله - ﷺ - قال: "إقامة حد من حدود اله خيرٌ من مطر أربعين ليلةٌ في بلاد الله عز وجل".
وعن ابن ماجه والنسائي، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله - ﷺ -: "حدٌ يعمل به في الأرض خيرٌ لأهل الأرض من أن يمطروا أربعين صباحاً"، وفي رواية النسائي: "ثلاثين صباحاً".