والمجرور بدل من الضمير، كأنه قيل: فقد كذبوا بما تقولون: وهي مع الياء كقولك: كتبت بالقلم. وقرئ: (تَسْتَطِيعُونَ) بالتاء والياء أيضا. يعني: فما تستطيعون أنتم يا كفار صرف العذاب عنكم. وقيل: الصرف: التوبة وقيل: الحيلة، من قولهم: إنه ليتصرف، أى. يحتال أو فما يستطيع آلهتكم أن يصرفوا عنكم العذاب. أو أن يحتالوا لكم. الخطاب على العموم للمكلفين. والعذاب الكبير لا حق بكل من ظلم، والكافر ظالم، لقوله: (إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ) [لقمان: ١٣]، والفاسق ظالم.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (وقرئ: ﴿تَسْتَطِيعُونَ﴾، بالتاء والياء)، حفصٌ: بالتاء الفوقاني، والباقون بالياء.
قوله: (الخطاب على العموم للمكلفين)، يعني: في قوله: ﴿وَمَنْ يَظْلِمْ مِنْكُمْ﴾ لدلالة (من) الشرطية، لأنها موضوعةٌ للعموم، فكل من يصدق عليه أن يظلم، فإنه داخلٌ فيه، والفاسق الذي لم يتب ظالمٌ، لقوله: ﴿وَمَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ﴾ [الحجرات: ١١] وفيه لمحةٌ من مذهبه. وذهب عنه أن الخطاب مع الكفرة المعاندين الذين نحن بصددهم من أول السورة، فكيف وقد سبق ﴿فَقَدْ كَذَّبُوكُمْ﴾ وهذه الآية كالخاتمة لما يجري عليهم من الأحوال والنكال من لدن قوله تعالى: ﴿إِذَا رَأَتْهُمْ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ﴾؟ يعني ﴿وَمَنْ يَظْلِمْ﴾ أي: يدم منكم، أي: على ما هو عليه، بعد تلك البينات الشافية التي ما تركت من الروادع. والزواجر بقيةً، نذقه عذاباً كبيراً. ثم لما فرغ من تهديدهم ووعيدهم شرع في تسلية رسول الله - ﷺ - بما ناله من قولهم: ﴿مَالِ هَذَا الرَّسُولِ يَاكُلُ الطَّعَامَ﴾ [الفرقان: ٧] من الحزن وضيق الصدر، أي: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ مِنَ الْمُرْسَلِينَ إِلَّا إِنَّهُمْ لَيَاكُلُونَ الطَّعَامَ﴾ الآية: فأين يدخل في معنى الآية حديث الفساق؟
قال صاحب "الفرائد": يجب أن يحمل الظلم على الشرك، لأن الكلام في الشرك بدليل ما تقدم، ولأن الحمل على ما ذكره صاحب "الكشاف" يؤدي إلى أن الظلم مع الإيمان