النار. وفي معناه قوله عز وعلا: (إِنَّ أَصْحابَ الْجَنَّةِ الْيَوْمَ فِي شُغُلٍ فاكِهُونَ هُمْ وَأَزْواجُهُمْ فِي ظِلالٍ عَلَى الْأَرائِكِ مُتَّكِؤُنَ) [يس: ٥٥ - ٥٦]، قيل في تفسير الشغل: افتضاض الأبكار، ولا نوم في الجنة. وإنما سمي مكان دعتهم واسترواحهم إلى الحور مقيلا
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
هذا المستقر: هو المقيل، ومن ثم لما سأل- أي: عن نفسه- الإمام: وقال: الآية تدل على أن مستقرهم غير مقيلهم؟ أجاب بأجوبة، منها: أنه بعد الفراغ من المحاسبة، والذهاب إلى الجنة، يكون وقت القيلولة. قال ابن مسعودٍ رضي الله عنه: لا ينتصف النهار من يوم القيامة حتى يقيل أهل الجنة في الجنة، وأهل النار في النار. وفي "شرح السنة": لا ينتصف النهار من يوم الجمعة، حتى يقيل هؤلاء وهؤلاء. وقال الإمام: يحتمل أن يراد بأحدهما المصدر والزمان، إشارةً إلى أن زمانهم ومكانهم أطيب ما يتخيل من الأمكنة والأزمنة.
قوله: (وفي معناه)، أي: وفي معنى ﴿وَأَحْسَنُ مَقِيلًا﴾ إذا حمل على أنهم يأوون إلى المقيل للاسترواح إلى أزواجهم، والتمتع بمغازلتهن، يدل عليه قوله: "افتضاض الأبكار".
قوله: (ولا نوم في الجنة، وإنما سمي)، إلى آخره، شروعٌ في تأويل قوله: ﴿مَقِيلًا﴾، بالاسترواح إلى الأزواج والتمتع بمغازلتهن، يعني: أنه تعالى أثبت لأهل الجنة مقام القيلولة، ومعلومٌ أن لا نوم في الجنة فلا قائلة، فإذن المقيل عبارةٌ عما تستلزمه من الاستراحة والدعة، لأن المقيل: مقام النوم في القائلة، والخلوة مع الأزواج، والتفكه معهن، شبه مكان استرواحهم في الجنة مع الحور العين بما تعورف في الدنيا من مكان الاسترواح عند القيلولة، فاستعير اسم المقيل له، ووصف بالحسن إرادةً لحسن ساكنيه على طريق الكناية، كقوله:
يبيت بمنجاةٍ من اللوم بيتها


الصفحة التالية
Icon