مذكور في الكتب المتقدمة، ولم يكونوا يعرفونه، فقيل: فسل بهذا الاسم من يخبرك من أهل الكتاب، حتى تعرف من ينكره. ومن ثم كانوا يقولون: ما نعرف الرحمن إلا الذي باليمامة، يعنون مسيلمة. وكان يقال له: رحمن اليمامة.
[(وَإِذا قِيلَ لَهُمُ اسْجُدُوا لِلرَّحْمنِ قالُوا وَمَا الرَّحْمنُ أَنَسْجُدُ لِما تَامُرُنا وَزادَهُمْ نُفُوراً)].
(وَمَا الرَّحْمنُ) يجوز أن يكون سؤالا عن المسمى به؛ لأنهم ما كانوا يعرفونه بهذا الاسم،
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
جلائل النعم، وبيده أزمة أمورك، وملكوت كل شيء، فاعلم ذلك علماً يقيناً ونصًا من الله لا ريب فيه، فإن من حرم ذلك إذا قيل له: اخضع للرحمن وتوكل عليه، قال: ﴿وَمَا الرَّحْمَنُ أَنَسْجُدُ لِمَا تَامُرُنَا وَزَادَهُمْ نُفُورًا﴾ هذا التفسير مبنيٌ على قول المصنف: "الذي خلق صفةٌ للحي، والرحمن: خبر مبتدأٍ محذوف".
قال الإمام: ﴿الَّذِي خَلَقَ﴾ متصلٌ بقوله: ﴿الْحَيِّ الَّذِي لَا يَمُوتُ﴾ لأنه تعالى لما كان خالق السموات والأرض وما بينهما كان قادراً على جميع وجوه المنافع ودفع سائر المضار، وأن النعم كلها من جهته، فحينئذٍ لا يجوز التوكل إلا عليه.
قوله: "اسمٌ من أسماء الله تعالى"، قال الزجاج: اسم "الرحمن" مذكورٌ في كتب الأولين ولم يكونوا يعرفون أنه من أسمائه تعالى، ومعناه: ذو الرحمة التي لا غاية بعدها في الرحمة، لأن فعلان بناء المبالغة، تقول: رجلٌ ريان وعطشان، إذا كان في النهاية من الري، وكذلك فرحان وجذلان. وقال ثعلبٌ: إنه عبرانيٌ، وهو في الأصل "رخمن"، بالخاء المعجمة، إذ لو كان عربياً لما أنكرت العرب وقد أنكروه، ويدل عليه قوله: ﴿وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اسْجُدُوا لِلرَّحْمَنِ قَالُوا وَمَا الرَّحْمَنُ﴾، ولأنه لو كان مشتقًا من الرحمة لما حسن تقديمه على الرحيم، لأنه أشد مبالغةً منه حينئذٍ.