كأنه قيل: أصدق. وقد قرئ: (لو شئنا لأنزَلْنا)، وقرئ: (فتَظل أعناقُهم) فإن قلت: كيف صح مجيء (خَاضِعينَ) خبرا عن الأعناق؟ قلت: أصل الكلام: فظلوا لها خاضعين، فأقحمت الأعناق لبيان موضع الخضوع،
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (وقرئ: "فتظل")، على فك الإدغام. قال الحريري في "درة الغواص": فك الإدغام ضعيفٌ، لأن العرب استعملت الإدغام طلباً للخفة، واستثقالاً للنطق بالحرفين المتماثلين، ورأت أن إبراز الإدغام بمنزلة اللفظ المكرر والحديث المعاد، ثم لم تفرق بين الماضي والمستقبل، وتصاريف المصادر وقد يشتمل قوله تعالى: ﴿لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ﴾ [المجادلة: ٢٢] على الإدغام في الفعل الماضي والمستقبل: وهذا الحكم مطردٌ في كل ما جاء من الأفعال المضاعفة على وزن فعل وأفعل وفاعل وافتعل وتفاعل واستفعل، نحو: مد الحبل، وأمد، وماد، وامتد وتماد، واستمد، اللهم إلا أن يتصل به ضمير المرفوع أو يؤمر به جماعة التأنيث، نحو: رددت ورددنا وارددن وامددن، لسكون آخر المتماثلين. وقد جوز الإدغام والإظهار في الأمر للواحد، كقولك: رد واردد، وكذلك في قوله تعالى: ﴿وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ﴾ [البقرة: ٢١٧]، وفي قوله: ﴿وَمَنْ يُشَاقِقِ اللَّهَ﴾ [الأنفال: ١٣]، فأما ما عدا هذه المواطن فلا يجوز إبراز التضعيف إلا في ضرورة، قال قعنب ابن أم صاحب [في الأفعال]:
مهلاً أعاذل قد جربت من خلقي | أني أجود لأقوام وإن ضننوا |