إذا حققت، وتعبيدهم: تذليلهم واتخاذهم عبيدا. يقال: عبدت الرجل وأعبدته، إذا اتخذته عبدا. قال:

علا م يعبدني قومي وقد كثرت فيهم أباعر ما شاءوا وعبدان
فإن قلت: "إذن" جواب وجزاء معا، والكلام وقع جوابا لفرعون، فكيف وقع جزاء قلت:
قول فرعون: (وَفَعَلْتَ فَعْلَتَكَ) فيه معنى: إنك جازيت نعمتي
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (إذا حققت)، أي: إذا حققت التربية والمنة التي امتن بها فرعون على موسى عليه السلام، كانت تعبيد بني إسرائيل نقمةً لا نعمةً، فهو من تعكيس الكلام، ويروى: "حققت" بفتح التاء، أي: إذا حققت النظر أيها المخاطب.
قوله: (قول فرعون: ﴿وَفَعَلْتَ فَعْلَتَكَ﴾) إلى آخره، قيل: هذا الجواب لا يلائم قوله: ﴿وَأَنَا مِنَ الضَّالِّينَ﴾، لأنه يدل على أنه اعترف أنه فعل ذلك جاهلاً أو ناسياً، لكن المعنى: لما قال: جازيت نعمتي بما فعلت، أجا به بأن تلك صادرةٌ من الجهل والنسيان لا من العلم والقصد، وكنت إذ ذاك جاهلاً، فخفت ففررت، فوهب الله تعالى النبوة، والآن أنا نبيٌ بخلاف ما كنت. وقلت: فإذن ﴿إِذاً﴾ جوابٌ وعذرٌ فأين الجزاء؟ وجواب المصنف موقوفٌ على معرفة أصولٍ خمسة: النحو، والمعاني، والبيان، والبديع، والأصول. أما النحو فإن "إذن" موضوعٌ على أن يكون جواباً وجزاءً معاً، فيجب أن يكون مدخوله مما يصح أن يكون مسبباً عن معنى القول السابق، نحو قولك: إذن أكرمك لمن قال: أنا آتيك، فإن إكرامك مسببٌ عن إتيانه. فهاهنا الجواب ظاهرٌ، لكن الجزاء على أن يكون هذا الكلام مسبباً عن كلام فرعون خفيٌ، فلابد من بيانه. فالتقدير: إن كان الأمر كما زعمت أنك أنعمت علي، ولم تكن تلك النعمة إلا تعبيدك بني إسرائيل، فأنا جازيتك أيضاً بتلك المجازاة، وهي قتل القبطي، وإليه أشار بقوله: "لأن نعمته كانت عنده جديرةً بأن تجازى


الصفحة التالية
Icon