فإن قلت: ما العامل في (حَوْلَهُ)؟ قلت: هو منصوب نصبين: نصب في اللفظ، ونصب في المحل، فالعامل في النصب اللفظي ما يقدر في الظرف، والعامل في النصب المحلي- وهو النصب على الحال: (قَالَ): ولقد تحير فرعون لما أبصر الآيتين، وبقي لا يدري أي طرفيه أطول، حتى زلّ عنه ذكر دعوى الإلهية، وحط عن منكبيه كبرياء الربوبية، وارتعدت فرائصه، وانتفخ سحره خوفا وفرقا، وبلغت به الاستكانة لقومه
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (نصبٌ في اللفظ، ونصبٌ في المحل)، قال صاحب "المطلع": العامل في النصب اللفظي: ما يقدر في الظرف من معنى الفعل، تقديره: للملأ مستقرين، أو مجتمعين حوله، والعامل في المحلي، وهو النصب على الحال، قال: تقديره: قال لهم وهم حوله.
قوله: (﴿قَالَ﴾)، خبرُ لقوله: "والعا مل" والجملة، وهو النصب على الحال: معترضةٌ، أي: قال في قوله: ﴿قَالَ لِلْمَلَإِ حَوْلَهُ﴾ عاملٌ في ﴿حَوْلَهُ﴾ وهو حال.
قوله: (لا يدري أي طرفيه أطول)، مثلٌ في التحير. عن بعضهم يقال: بقي فلانٌ حيران لا يدري أي طرفيه أطول، لطولٍ يتراءى له الشبح شبحين، قال الميداني: قال الأصعمي: معناه: لا يدري أنسب أبيه أفضل أم نسب أمه. وقال غيره: يقال: إن وسط الإنسان: سرته، والطرف الأسفل أطول من الأعلى، وهذا يكاد يجهله أكثر الناس حتى يقدر له. وقال ابن الأعرابي" طرفاه: ذكره ولسانه، يضرب في نفي العلم.
قوله: (فرائصه)، الفريضة: اللحم بين الجنب والكتف الذي لا يزال يرعد من الدابة.
قوله: (وانتفخ سحره)، بالخاء المعجمة، وفي نسخةٍ صحيحة: بالجيم، من قولهم: "هنيئاً لك النافجة" أي: المعظمة لمالك. والسحر: الرئة.
الأساس: وانتفخ سحره، وانتفخت مساحره، إذا مل وجبن. وانقطع منه سحري: إذا يئست، يقال: وأنا منه غير صريم سحر: غير قانط.


الصفحة التالية
Icon