أقسموا بعزة فرعون وهي من أيمان الجاهلية، وهكذا كل حلف بغير الله، ولا يصح في الإسلام إلا الحلف بالله معلقا ببعض أسمائه أو صفاته، كقولك: بالله، والرحمن، وربي، ورب العرش، وعزة الله، وقدرة الله، وجلال الله، وعظمة الله. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تحلفوا بآبائكم ولا بأمّهاتكم ولا بالطواغيت، ولا تحلفوا إلا بالله، ولا تحلفوا بالله إلا وأنتم صادقون". ولقد استحدث الناس في هذا الباب في إسلامهم جاهلية نسيت لها الجاهلية الأولى، وذلك أنّ الواحد منهم لو أقسم بأسماء الله كلها
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (معلقاً ببعض أسمائه)، حالٌ من الحلف، و"ببعض أسمائه أو صفاته": لفٌ، وقوله: "بالله والرحمن" هما اسمان لله تعالى خاصان به، وقوله: "رب العرش وربي" هما اسمان لله تعالى غالبان، وهذه الأربع: نشرٌ لقوله: "أسمائه" وقوله: "وعزة الله، وقدرة الله، وجلال الله، وعظمة الله" هذه الأربع: نشرٌ لقوله: "أو صفاته"، والمراد بالاسم هاهنا: ما يصح حمله على الله تعالى، وبالصفة: خلافه، فيقال: الله الرحمن والرب، لا يقال: الله العزة والقدرة. مضى تم تقريره في سوره الحجر عند قوله تعالي: ﴿بِمَا أَغْوَيْتَنِي﴾ [الحجر: ٣٩] على القسم.
قوله: (الجاهلية الأولى)، عن بعضهم: الجاهلية الأولى: هي زمان ولد قابيل، بعث إليهم نوح عليه السلام، والأخرى بعث إليهم محمد صلوات الله عليه.
قوله: (لا تحلفوا بآبائكم)، الحديث من رواية أبي داود والنسائي، عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه، قال: قال رسول الله - ﷺ -: "لا تحلفوا بآبائكم، ولا بالأنداد، لا تحلفوا بالله عز وجل إلا وأنتم صادقون". وروى النسائي، عن عبد الرحمن بن سمرة رضي الله تعالى عنه: "لا تحلفوا بآبائكم، ولا بالطواغيت".


الصفحة التالية
Icon