السدّي: الأوّلون الذين اقتدينا بهم. وعن ابن جريج: إبليس، وابن آدم القاتل، لأنه أوّل من سنّ القتل وأنواع المعاصي. (فَمَا لَنَا مِنْ شافِعِينَ) كما نرى المؤمنين لهم شفعاء من الملائكة والنبيين (وَلا صَدِيقٍ) كما نرى لهم أصدقاء، لأنه لا يتصادق في الآخرة إلا المؤمنون. وأما أهل النار فبينهم التعادي والتباغض، قال الله تعالى: (الْأَخِلَّاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ) [الزخرف: ٦٧]؛ أو: (فَمَا لَنَا مِن شَافِعِينَ* ولا صَدِيقٍ حَمِيمٍ) من الذين كنا نعدهم شفعاء وأصدقاء، لأنهم كانوا يعتقدون في أصنامهم أنهم شفعاؤهم عند الله، وكان لهم الأصدقاء من شياطين الإنس. أو أرادوا أنهم وقعوا في مهلكة علموا أنّ الشفعاء والأصدقاء لا ينفعونهم ولا يدفعون عنهم، فقصدوا بنفيهم نفي ما يتعلق بهم من النفع، لأنّ ما لا ينفع: حكمه حكم المعدوم.
والحميم من الاحتمام، وهو الاهتمام،
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (أو أرادوا: أنهم وقعوا في مهلكةٍ)، يريد: دل مجموع قولهم: ﴿فَمَا لَنَا مِنْ شَافِعِينَ (١٠٠) وَلَا صَدِيقٍ حَمِيمٍ﴾ على سبيل الكناية وأخذ الزبدة على الإيقاع في المهلكة، ثم الفرق بين الوجوه الثلاثة أنهم- في الأول- نفوا ابتداءً الشفعاء والأصدقاء رأساً، كما قال: ﴿فَمَا لَنَا مِنْ شَافِعِينَ﴾ كما نرى للمؤمنين، ولا صديق كما نرى لهم، وفي الثاني: أثبتوا في الدنيا شفعاء وأصدقاء، فلما أضلوهما هناك نفوهما، وفي الثالث: وجدوهما حاضرين هنالك، لكن حين لم ينفعونهم جعلوهما كالمعدومين، لأن ما لا ينفع حكمه حكم المعدوم، وقد فسر بالوجوه الثلاثة قوله: ﴿أَيْنَ شُرَكَاؤُكُمُ الَّذِينَ كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ﴾ [الأنعام: ٢٢].
قوله: (والحميم: من الاحتمام، وهو الاهتمام)، النهاية: وفي حديث أبي بكرٍ رضي الله عنه: أن أبا الأعور السلمي قال له: "إنا جئناك في غير محمة"، يقال: أحمت الحاجة: إذا أهمت ولزمت.
الراغب: الحميم: الماء الشديد الحرارة، قال تعالى: ﴿وَسُقُوا مَاءً حَمِيمًا﴾ [محمد: ١٥]، وسمي العرق حميماً على التشبيه. وقوله تعالى: ﴿فَمَا لَنَا مِنْ شَافِعِينَ (١٠٠) وَلَا صَدِيقٍ حَمِيمٍ﴾ فهو