(أَخُوهُمْ)، لأنه كان منهم، من قول العرب: يا أخا بني تميم، يريدون: يا واحدا منهم. ومنه بيت "الحماسة":
لا يسألون أخاهم حين يندبهم في النّائبات على ما قال برهانا
كان أمينا فيهم مشهورا بالأمانة، كمحمد صلوات الله عليه وسلامه في قريش. (وَأَطِيعُونِ) في نصحي لكم وفيما أدعوكم إليه من الحق. (عَلَيْهِ): على هذا الأمر، وعلى ما أنا فيه، يعنى: دعاءه ونصحه ومعنى (فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ): فاتقوا الله في طاعتي، وكرره ليؤكده عليهم ويقرّره في نفوسهم، مع تعليق كل واحد منهما بعلة، جعل علة الأوّل كونه أمينا فيما بينهم، وفي الثاني حسم طمعه عنهم.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (لا يسألون أخاهم)، البيت، يندبهم: أي: يدعوهم، يقول: لا يسألون من يدعوهم إلى الإغاثة حجةً، ولا يراجعونه في كيفية ما ألجاؤا إليهم فيه، لكنهم يعجلون الإغاثة، وعن بعضهم: الأخوة إما في الدين أو في النسب أو في النسب أو في الشبه، قال الله تعالى: ﴿إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ﴾ [الحجرات: ١٠]، وقال تعالى: ﴿وَمَا نُرِيهِمْ مِنْ آَيَةٍ إِلَّا هِيَ أَكْبَرُ مِنْ أُخْتِهَا﴾ [الزخرف: ٤٨] أي: شبيهتها في الإعجاز.
قوله: (جعل علة الأول كونه أميناً فيما بينهم)، يعني: لما قال عليه السلام: ﴿إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ﴾ رتب عليه ﴿فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ﴾، يعني: إذا كنت رسولاً من عند الله تعالى يجب عليكم أن تعرفوا من أرسلني إليكم، ومن لوازم المعرفة الخشية ﴿إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ﴾ [فاطر: ٢٨]، وإذا كنت أميناً يجب عليكم أن تطعيوني، لأن نصحي لا يكون عن غدرٍ وخيانة، ولما قال: ﴿وَمَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ رتب عليه أيضاً ﴿فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ﴾، يعني: من يدعوكم إلى ما ينفعكم دنيا وديناً بلا شائبة طمع


الصفحة التالية
Icon