[(يا مُوسى إِنَّهُ أَنَا اللَّهُ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ)].
الهاء في (إِنَّهُ) يجوز أن يكون ضمير الشأن. والشأن (أَنَا اللَّهُ) مبتدأ وخبر. و (الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) صفتان للخبر. وأن يكون راجعا إلى ما دل عليه ما قبله، يعني: أنّ مكلمك أنا، و (اللهُ) بيان لأنا. و (الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ): صفتان للمبين، وهذا تمهيد لما أراد أن يظهره على يده من المعجزة، يريد: أنا القوي القادر على ما يبعد من الأوهام؛ كقلب العصا حية، الفاعل كل ما أفعله بحكمة وتدبير.
[(وَأَلْقِ عَصاكَ فَلَمَّا رَآها تَهْتَزُّ كَأَنَّها جَانٌّ وَلَّى مُدْبِراً وَلَمْ يُعَقِّبْ يا مُوسى لا تَخَفْ إِنِّي لا يَخافُ لَدَيَّ الْمُرْسَلُونَ (١٠) إِلاَّ مَنْ ظَلَمَ ثُمَّ بَدَّلَ حُسْناً بَعْدَ سُوءٍ فَإِنِّي غَفُورٌ رَحِيمٌ)].
فإن قلت: علام عطف قوله: (وَأَلْقِ عَصاكَ)؟ قلت: على بورك، لأن المعنى: نودي أن بورك من في النار، وأن ألق عصاك: كلاهما تفسير لنؤدي. والمعنى: قيل له:
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
جلائل الأمور"، نحوه قول الفرزدق:

إن الذي سمك السماء بنى لنا بيتاً دعائمه أعز وأطول
والحاصل أن قوله: ﴿وَسُبْحَانَ اللَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ كالتذييل والتأكيد لما تضمن قوله: ﴿بُورِكَ مَنْ فِي النَّارِ وَمَنْ حَوْلَهَا﴾ من المعاني التي أشير إليها فيما سبق.
قوله: (وهذا تمهيدٌ لما أراد أن يظهره)، اعلم أنه تعالى كما جعل ﴿وَسُبْحَانَ اللَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ تذييلاُ للكلام السابق تنبيهاً على جلالة الأمر الحادث، جعل قوله: ﴿إِنَّهُ أَنَا اللَّهُ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ﴾ تمهيداً للكلام اللاحق تنبيهاً على فخامته، وأن مظهره الله العزيز الحكيم. وإليه الإشارة بقوله: "أنا القوي القادر على ما يبعد من الأوهام".


الصفحة التالية
Icon