فاستدرك ذلك. والمعنى: ولكن من ظلم منهم أي: فرطت منه صغيرة مما يجوز على الأنبياء، كالذي فرط من آدم ويونس وداود وسليمان وإخوة يوسف، ومن موسى بوكزة القبطي، ويوشك أن يقصد بهذا التعريض بما وجد من موسى، وهو من التعريضات التي يلطف مأخذها. وسماه ظلما، كما قال موسى: (رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي) [القصص: ١٦]، والحسن والسوء: حسن التوبة، وقبح الذنب.
وقرئ: "ألا من ظلم"، بحرف التنبيه. وعن أبي عمرو في رواية عصمة: "حسنا".
[(وَأَدْخِلْ يَدَكَ فِي جَيْبِكَ تَخْرُجْ بَيْضاءَ مِنْ غَيْرِ سُوءٍ فِي تِسْعِ آياتٍ إِلى فِرْعَوْنَ وَقَوْمِهِ إِنَّهُمْ كانُوا قَوْماً فاسِقِينَ)].
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وروى الإمام عن بعضهم: إني إذا أمرت المرسلين بإظهار معجز، فينبغي أن لا يخافوا فيما يتعلق بإظهار ذلك، وإلا فالمرسل قد يخاف لا محالة.
قوله: (وسماه ظلمًا، كما قال موسى: ﴿رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي﴾ [القصص: ١٦]، لما سمى موسى عليه السلام فعله ظلمًا قابله تعالى بالمشاكلة.
قوله: (وقرئ: "ألا من ظلم" بحرف التنبيه)، قال ابن جني: وهي قراءة زيد بن أسلم وأبي جعفرٍ القارئ. ومن مرفوعة بالابتداء، وخبره: ظلم، كقولك: من يقم أضرب زيدًا. فـ "يقم" خبر "من" حيث كان شرطاً، كأنه قال: هذا حقٌ. وعليه معنى انقطاع الاستثناء في القراءة الفاشية. المعنى: لا يخاف لدى المرسلون، لكن من ظلم كان كذا.


الصفحة التالية
Icon