ريح الصبا البساط فتسير به مسيرة شهر. ويروى أنه كان يأمر الريح العاصف تحمله، ويأمر الرخاء تسيره، فأوحى الله إليه وهو يسير بين السماء والأرض: أني قد زدت في ملكك؛ لا يتكلم أحد بشيء إلا ألقته الريح في سمعك، فيحكى أنه مر بحرّاث فقال: لقد أوتى آل داود ملكا عظيما، فألقته الريح في أذنه، فنزل ومشى إلى الحرّاث وقال: إنما مشيت إليك لئلا تتمنى ما لا تقدر عليه، ثم قال: لتسبيحة واحدة يقبلها الله، خير مما أوتى آل داود. (يُوزَعُونَ): يحبس أولهم على آخرهم، أي: توقف سلاف العسكر حتى تلحقهم التوالي فيكونوا مجتمعين لا يتخلف منهم أحد، وذلك للكثرة العظيمة.
[(حَتَّى إِذا أَتَوْا عَلى وادِ النَّمْلِ قالَتْ نَمْلَةٌ يا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَساكِنَكُمْ لا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمانُ وَجُنُودُهُ وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ)].
قيل: هو واد بالشام كثير النمل. فان قلت: لم عدّى (أَتَوْا) بعلى؟ قلت: يتوجه على معنيين أحدهما: أن إتيانهم كان من فوق، فأتى بحرف الاستعلاء، كما قال أبو الطيب:
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
[البقرة: ٢١٤]، "لا" لا تمنع العامل، و"ما" تمنعه، تقول: زيداً لا أضرب، ولا تقول: زيداً ما ضربت.
قوله: (﴿يُوزَعُونَ﴾ يحبس أولهم على آخرهم)، الراغب: ﴿يُوزَعُونَ﴾ إشارةٌ إلى أنهم مع كثرتهم [وتفاوتهم] لم يكونوا مهملين ومبعدين كما يكون الجيش الكثير المتأذي بمعرتهم، بل كانوا مسوسين ومقموعين وقيل: لابد للسلطان من وزعةٍ. يقال: وزعته عن كذا: كففته.
قوله: (سلاف العسكر)، الأساس: وسلف القوم: تقدموا سلفاً، وهم سلفٌ لمن وراءهم، وهم سلاف العسكر.


الصفحة التالية
Icon