..................................
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
مؤنث لفظيٌ، ولذلك كان قول من زعم أن النملة في قوله تعالى: ﴿قَالَتْ نَمْلَةٌ﴾ [النمل: ١٨] أنثى لورود تاء التأنيث في ﴿قَالَتْ﴾ وهما لجواز أن يكون مذكرًا في الحقيقة، وورود تاء التأنيث كورودها في الفعل المؤنث اللفظي، نحو: جاءت الظلمة.
وأجابه بعض فضلاء ما وراء النهر، وقال: لعمري إن ابن الحاجب تعسف هاهنا وترك الواجب، حيث اعترض على إمام أهل الإسلام، واعتراضه بقوله: "وورود تاء التأنيث كورودها في الفعل المؤنث اللفظي وهو مذكر"، ليس بشيءٍ، إذ لو كان جائزًا أن يؤتى بتاء التأنيث في الفعل بمجرد صورة التأنيث في الفاعل المذكر الحقيقي، لكان ينبغي أن يقال: جاءتني طلحة، وهو غير جائزٍ.
وجوابه عن ذلك في "شرحه" بقوله: "وليس ذلك كتأنيث أسماء الأعلام، فإنها لا يعتبر فيها إلا المعنى دون اللفظ، خلافًا للكوفيين. والسر فيه هو أنهم نقلوها عن معانيها إلى مدلولٍ آخر، فاعتبروا فيها المدلول الثاني، ولو اعتبر تأنيثها لكان اعتبارًا للمدلول الأول، فيفسد المعنى، فلذلك لا يقال: أعجبتني طلحة" تناقضٌ محضٌ، كأنه نسى ما أمضى في صدر كتابه من قوله: "فإن سمى به مذكرٌ فشرطه الزيادة" يعني: فإن سمى بالمؤنث المعنوي، فشرطه الزيادة على ثلاثة أحرفٍ.
فلا يخفى على من له أدنى مسكة أن عقرب مع أن علامة التأنيث فيها مقدرةٌ، فالعلمية لا تمنعها عن اعتبار تأنيثها، حتى لا تمتنع من الصرف، فكيف تمنع العلمية عن اعتبار التأنيث في طلحة مع أن علامة التأنيث فيها لفظية؟ ! فإذن ليس طرح التاء عن الفعل إلا لأن التاء إنما يجاء بها علامةً لتأنيث الفاعل، فالفاعل هاهنا مذكرٌ حقيقيٌ، فكذا النملة لو كان مذكرًا لكان هو مع طلحة حذو القذة بالقذة.


الصفحة التالية
Icon