والذي جوّز أن يكون بدلا منه: أنه في معنى: لا تكونوا حيث أنتم فيحطمكم، على طريقة: لا أرينك هاهنا، أراد: لا يحطمنكم جنود سليمان، فجاء بما هو أبلغ، ونحوه: عجبت من نفسي ومن إشفاقها.
[(فَتَبَسَّمَ ضاحِكاً مِنْ قَوْلِها وَقالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلى والِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صالِحاً تَرْضاهُ وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبادِكَ الصَّالِحِينَ)].
ومعنى (فَتَبَسَّمَ ضاحِكاً) تبسم شارعا في الضحك وآخذا فيه، بمعنى أنه
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (في معنى: لا تكونوا حيث أنتم فيحطمكم)، ومعنى هذا الأسلوب وهو أن ينهى الغير، والمراد: نهي المخاطب النهي عن أن يكون المخاطب على وصفٍ هو ملزوم المنهي عنه، فمآل المعنى: لا تكونوا خارجين عن مساكنكم فيحطمنكم سليمان وجنوده، ولذلك صح أن يكون بدلً من ﴿ادْخُلُوا مَسَاكِنَكُمْ﴾.
قوله: (عجبت من نفسي ومن إشفاقها)، بعده:
... ومن طرادي الطير عن أرزاقها

في سنةٍ قد كشفت عن ساقها حمراء تبري اللحم عن عراقها
كشف الساق: عبارةٌ عن شدة الأمر، لأن الإنسان إذا أصابته شدةٌ شمر عن ساقه، والعراق: العظم الذي لا لحم عليه، والذي عليه لحمٌ فهو عرقٌ بفتح العين. بري اللحم. قشره، أي: عجبت من إشفاق نفسي، فجاء بقوله: "من نفسي ومن إشفاقها"، كما كان الأصل: ﴿لَا يَحْطِمَنَّكُمْ﴾ جنود سليمان، فجاء بقوله: ﴿سُلَيْمَانُ وَجُنُودُهُ﴾ [النمل: ١٨]، ليكون أبلغ للإجمال والتفصيل والتكرير مع التبيين.
قوله: (تبسم شارعًا في الضحك)، قال أبو البقاء: ﴿ضَاحِكًا﴾، حالٌ موكدة.


الصفحة التالية
Icon