على أحد ثلاثة أشياء: فحلفه على فعليه لا مقال فيه، ولكن كيف صح حلفه على فعل الهدهد؟ ومن أين درى أنه يأتي بسلطان، حتى يقول: "والله ليأتيني بسلطان"؟ قلت: لما نظم الثلاثة بـ "أو" في الحكم الذي هو الحلف: آل كلامه إلى قولك: ليكونن أحد الأمور، يعنى: إن كان الإتيان بالسلطان لم يكن تعذيب ولا ذبح، وإن لم يكن كان أحدهما، وليس في هذا ادّعاء دراية، على أنه يجوز أن يتعقب حلفه بالفعلين وحي
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
مشددةُ، والباقون: بواحدةٍ مكسورةٍ مشددةٍ، والأصل قراءة ابن كثيرٍ، لكن حذفت النون التي قبل ياء المتكلم لاجتماع النونات.
قوله: (لما نظم الثلاثة بـ "أو" في الحكم الذي هو الحلف)، يعني: إن كان العطف جمع الأمور الثلاثة في حكم الحلف ظاهراً، لكن "أو" الثانية للترديد، والأولى للتخيير، فيكون قوله: ﴿أَوْ لَيَاتِيَنِّي﴾ معطوفاً على ﴿لَأُعَذِّبَنَّهُ﴾، لا على ﴿لَأَذْبَحَنَّهُ﴾، ليؤول معنى الثلاثة إلى الآيتين، فكأنه قيل: إن كان الإتيان بالسلطان لم يكن تعذيبٌ ولا ذبحٌ، وإن لم يكن كان أحدهما من غير تعيينٍ، فليس حينئذٍ في الكلام ادعاء درايةٍ من سليمان عليه السلام لانبناء الكلام على التخيير والترديد.
قال القاضي: والحلف في الحقيقة على أحد الأولين بتقدير عدم الثالث.
قوله: (أن يتعقب حلفه)، الجوهري: عاقبه أي جاءه بعقبه، فهو معاقبٌ وعقيبٌ، والتعقيب مثله، يعني قوله: ﴿أَوْ لَيَاتِيَنِّي بِسُلْطَانٍ مُبِينٍ﴾ أوحي إليه بعد حلفه بالفعلين، أي: فلما أتم كلامه عقبه بما أوحى إليه، وما أوحى إليه لا يكون إلا يقيناً عن درايةٍ.
الدراية: علمٌ يحصل بالتكلف، ولهذا لا يجوز إطلاقه على الله تعالى.


الصفحة التالية
Icon