﴿تَذَكَّرُونَ﴾ بتشديد الذال وتخفيها. رفعهما على الابتداء، والخبر محذوفٌ عند الخليل وسيبويه، على معنى: فيما فرض عليكم.
[﴿الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِئَةَ جَلْدَةٍ وَلَا تَاخُذْكُمْ بِهِمَا رَافَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ﴾ ٢]
﴿الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي﴾ أي: جلدهما. ويجوز أن يكون الخبر: ﴿فَاجْلِدُوا﴾، وإنما دخلت الفاء، لكون الألف واللام بمعنى "الذي"، وتضمينه معنى الشرط، تقديره: التي زنت، والذي زنى فاجلدوهما، كما تقول: من زنى فاجلدوه، وكقوله: ﴿وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَاتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ﴾ [النور: ٤]. وقرئ بالنصب على إضمار فعل
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: ﴿تَذَكَّرُونَ﴾ بتشديد الذال وتخفيفها)، بالتخفيف: حفصٌ وحمزة والكسائي، والباقون: بالتشديد.
قوله: (وقرئ بالنصب)، قال ابن جني: وهي قراءة عيسى الثقفي، وهو منصوبٌ بمضمر، أي: اجلدوا الزانية، وتفسيرها: ﴿فَاجْلِدُوا﴾ وجاز دخول الفاء، لأنه في موضع أمر، ومآل معناه إلى الشرط، ولا يجوز: زيدًا فضربته، لأنه خبر.
وقال الزجاج: وزعم الخليل وسيبويه أن النصب المختار، وزعم غيرهما من البصريين والكوفيين أن المختار الرفع، وكذا عندي، لأن الرفع كالإجماع في القراءة، وهو أقوى في العربية، لأن معناه: من زنى فاجلدوه، على الابتداء، ويؤيده قوله تعالى: ﴿وَاللَّذَانِ يَاتِيَانِهَا مِنْكُمْ فَآَذُوهُمَا﴾ [النساء: ١٦]، وإنما اختار الخليل وسيبويه النصب، لأنه أمرٌ، والأمر بالفعل أولى. وقد مر فيه الكلام مستقصى في قوله تعالى: ﴿وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا﴾ [المائدة: ٣٨].