وعن مجاهدٍ رضيَ الله عنه: دُعاةً إلى الخير، وعن قَتادةَ رضيَ الله عنه: وُلاةً، كقولِه تعالى: ﴿وَجَعَلَكُم مُّلُوكًا﴾ [المائدة: ٢٠]. ﴿اَلْوَارِثِينَ﴾ يرِثُون فرعونَ وقومَه مُلكَهم وكُلَّ ما كانَ لهم. مكَّن له: إذا جَعلَ له مكانًا يقعُدُ عليه أو يرقُد، فوطّأَهُ ومَهَّدَهُ، ونظيرُه: أرَّضَ له. ومعنى التَّمْكينِ لهم في الأرضِ وهي أرضُ مِصرَ والشّامِ: أن يجعَلَها بحيثُ لا تَنْبُو بهم ولا تَغِثُّ؛ كما كانتْ في أيّامِ الجبابرة، ويُنَفِّذَ أمْرَهم، ويُطلِقَ أيديَهم ويُسَلِّطَهم. وقُرئ: (ويَرى فرعونُ وهامانُ وجنودُهما)، أي: يرون منْهُمْ ما حُذِّرُوه: من ذهابِ مُلكِهم وهلاكِهم على يدِ مَوْلودٍ منهُم.
[﴿أَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّ مُوسَى أَنْ أَرْضِعِيهِ فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي اليَمِّ وَلاَ تَخَافِي وَلاَ تَحْزَنِي إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ وَجَاعِلُوهُ مِنَ المُرْسَلِينَ﴾ ٧]
اليمُّ: البحر. قيل: هو نِيلُ مِصْر. فإن قلتَ: ما المُرادُ بالخَوفَيْنِ حتّى أُوجِبَ أحدُهما ونُهي عنِ الآخَر؟ قلتُ: أمّا الأوّلُ فالخَوفُ عليهِ من القَتلِ؛ لأنه كان إذا صاحَ خافَ أن يسمَعَ الجيرانُ صوتَه فينِمُّوا. وأمّا الثّاني، فالخوفُ عليهِ من الغَرَقِ ومن الضَّياعِ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قولُه: (أرّضَ له)، الأساس: تأرّضَ فلان: لَزِمَ الأرضَ؛ فلمْ يَبْرَح. فلانٌ إنْ رأى مطمعًا تعرّض، وإن أصابَ مطعمًا تأرّض.
قولُه: (ولا تَغِثُّ عليهم)، الأساس: أغَثّ فلانٌ في كلامِه؛ إذا تَكَلّمَ بما لا خيرَ فيه، وسمعتُ صبيًّا مِن هُذيلٍ يقول: غثّتْ علينا مكة؛ أي: لمْ نقدِرْ أنْ نعيشَ فيها؛ لقولِهم: اجتوى المكانَ؛ إذا لم يَستمرِئْ طعامَه وشرابَه، وكذلكَ استَوْخَم.
قولُه: (وقُرِئَ: ((ويَرى فرعونُ)))، حمزةُ والكسائي: ((ويَرى)) بالياءِ التحتانيِّ مفتوحةً وفتح الراءِ ورفعِ الأسماءِ الثلاثة، والباقونَ: بالنونِ مضمومة وكسرِ الراءِ وفتحِ الياءِ ونصبِ الأسماء.


الصفحة التالية
Icon