بالله وكتبه ورسله، فإن كان باطلًا لم تصدّقوهم، وإن كان حقًا لم تكذبوهم».
[(وَكَذلِكَ أَنْزَلْنا إِلَيْكَ الْكِتابَ فَالَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَمِنْ هؤُلاءِ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ وَما يَجْحَدُ بِآياتِنا إِلاَّ الْكافِرُونَ)] ٤٧ [
ومثل ذلك الإنزال (أَنْزَلْنا إِلَيْكَ الْكِتابَ) أى: أنزلناه مصدّقًا لسائر الكتب السماوية، تحقيقًا لقوله: (آمنا بالذي أنزل إلينا وأنزل إليكم). وقيل: وكما أنزلنا الكتب إلى من كان قبلك أنزلنا إليك الكتاب (فَالَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ) هم عبد الله بن
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الكتابِ بما يُحدِّثُونَكُم عن الكتابِ ولا تُكذِّبوهم، وقولوا: ﴿آمَنَّا بِاللهِ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْنَا﴾ [البقرة: ١٣٦]))؛ لأنَّ الله أخبرَ بأنهَّم كَتَبوا بأيديهم وقالوا: هذه من عندِ الله.
قوله: (وكما أنزَلْنا الكُتُبَ إلى مَنْ كان قَبلَكَ)، يعني: أنَّ ((الكافَ)) منصوبُ المَحَلِّ على المصدر، والمشارُ إليه بـ ((ذلك)): إمّا ما دلَّ عليه قولُه: ﴿وَقُولُوا آمَنَّا بِالَّذِي أُنزِلَ إِلَيْنَا وَأُنزِلَ إِلَيْكُمْ﴾، وهو المرادُ من قوله: ((تحقيقًا لقوله: ﴿آمَنَّا﴾)) و ((تحقيقًا)) مفعولٌ له لمقدَّرٍ؛ أي: أشار بذلك تَحقيقًا له، أو المُشارُ إليه ما في الذِّهْنِ؛ أي: مثلَ ذلك الإنزالِ المَعلُومِ الذي أُنزل على الأنبياء من قَبلِكَ أَنزلْنا إليك.
والمِثْلُ على الوجه الثاني: بمعنى النَّظيرِ والشَّبيهِ، وعلى الأوَّل: مُستعارٌ للصِّفة العَجيبةِ الشَّانِ. والفاءُ في ((فالذين آتيناهُم)) تفصيليَّةٌ؛ أي: مثلَ ذلك الإنزالِ العَجيبِ الشَّأنِ الداعي إلى الإيمان بجميع الكُتبِ المنزَّلَةِ وإلى التَّوحيد أَنزَلْناه، ثُمَّ النّاسُ مع ذلك تفرَّقوا فِرَقًا أربعًا؛ لأنَّ المبعوثَ إليهم إمّا أهلُ الكتابِ أو المشركون، فقولُه: ﴿فَالَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يُؤْمِنُونَ بِهِ﴾ المرادُ به بعضُ مَنْ آمَنَ من أهل الكتاب. وقولُه: ﴿وَمِنْ هَؤُلاَءِ مَن يُؤْمِنُ بِهِ﴾ هم بعضُ المشركينَ. وقولُه: ﴿وَمَا يَجْحَدُ بِئَايَتِنَا إِلاَّ الْكَافِرُونَ﴾ مُؤذِنٌ بأنَّهم الفريقانِ الباقيانِ من


الصفحة التالية
Icon