أدنى أرض الروم إلى فارس. وعن ابن عباس رضى الله عنهما: الأردن وفلسطين. وقرئ: (في أدانى الأرض)، والبضع ما بين الثلاث إلى العشر. عن الأصمعى. وقيل: احتربت الروم وفارس بين أذرعات وبصرى، فغلبت فارس الروم، فبلغ الخبر مكة فشق على النبي ﷺ والمسلمين؛ لأن فارس مجوس لا كتاب لهم، والروم أهل الكتاب، وفرح المشركون وشمتوا وقالوا: أنتم والنصارى أهل الكتاب، ونحن وفارس أميون، وقد ظهر إخواننا على إخوانكم، ولنظهرنّ نحن عليكم، فنزلت. فقال لهم أبو بكر رضى الله عنه: لا يقرّر الله أعينكم، فو الله لتظهرنّ الروم على فارس بعد بضع سنين، فقال له أبى بن خلف: كذبت يا أبا فصيل، اجعل بيننا أجلًا أنا حبك عليه. والمناحبة: المراهنة، فناحبه على عشر قلائص من كل واحد منهما، وجعلا الأجل ثلاث سنين، فأخبر أبو بكر رضى الله عنه رسول الله ﷺ فقال: البضع ما بين الثلاث إلى التسع، فزايده في الخطر ومادّه في الأجل. فجعلاها مائة قلوٍص إلى تسع سنين. ومات أبىّ من جرح رسول الله، وظهرت الروم على فارس يوم الحديبية، وذلك عند رأس سبع سنين. وقيل: كان النصر يوم بدر للفريقين، فأخذ أبو بكر الخطر من ذرية أبى، وجاء به إلى رسول الله ﷺ فقال: تصدّق به. وهذه الآية من الآيات البينة الشاهدة
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (يا أبا فَصيل) بالفاءِ والصادِ المُهْمَلة، أكثرُ ما يُطلق ((فَصيل)) في الإبل ((فَعيل)) بمعنى مفعول، وهو ولدُ الناقةِ إذا فُصِل عن أمِّه، ولم تسمع هذه الكنية فيه رضي الله عنه لا في الجاهلية ولا في الإسلام. ولعل هذا القائل ذهب إلى أنَّ ((أبا بَكَرٍ)) بالفتح في ((أبي بَكْر)) هو الفَتِيُّ من الإبل، بمنزلةِ الغلامِ من الإنسان، فوُضِع موضعَه الفَصِيل تلميحًا، والله أعلم.
قوله: (ومادَّه في الأَجَل)، النهاية: المُدَّة: طائفةٌ مِن الزَّمانِ تقعُ على القليل والكثير، ومادَّ فيها، أي: أطالَها، وهي فاعَل من المدِّ، ومنه الحديث: ((إن شاؤوا مادَدْناهم)).