..................................
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قال: ونحوُ ((تَسمعُ بالمُعَيديِّ خيرٌ مِنْ أن تَراهُ)) محمولٌ على حذف ((أنْ))، أو على تنزيل الفعل منزلةَ المصدر، مِثْلُه في قوله: ((وقالوا ما تشاء))، أي: ((سماعُك بالمُعِيديِّ))، كما كان الفعلُ منزّلاً منزلةَ المصدرِ في قوله: ((فقلت أَلْهُو)).
وثالثهما: أن يكونا مثالَيْن، لكن البيت لا يُساعِدُ عليه على ما ذهب إليه الشارح، قال: ((وتسمع بالمعيدي خير من أن تراه)) محمول على حذف ((أنْ)) أو على تنزيل الفعل منزلة المصدر، أي: الفعل ((سماعك بالمعيدي))، كما كان الفعل منزلاً منزلة المصدر في قوله: ((فقلت ألهو)) وهو متعيُنِّ فيه؛ لأنَّ معنى قوله: ((ما تشاء)): أيُّ شيءٍ تشاءُ، فهو سؤال عن مفردٍ؛ لأنَّ ((ما)) مفردٌ، وهو مفعول ((تشاء)) مقدَّمًا، فحقُّه أن يُجابَ بالمفرد، و ((أَلْهو)) جملة منزَّلةٌ منزِلةَ المفرد ليكونَ مطابقًا للمسؤولِ عنه.
فإن قلت: لو حُمل على حذف ((أنْ)) لكان أيضًا بتقدير مفردٍ، فَلِمَ لمْ يُحمل عليه؟
قلت: لأنَّ قولَه: ((ما تشاء)) سؤالٌ عمّا تشاؤه في الحال ظاهرٌ، كما إذا قلتَ: ما تريدُ؟ أي: الآنَ، فلو قُدِّر: ((أن أَلْهُو)) لكان مستقبَلاً، فكأنَّه سأله عمّا يشاؤه في الحال، فأجابَه بما يشاؤه في المستقبل لا في الحال، فلا ظاهرًا، فلذلك حَملَه على المصدر بدون حذف ((أنْ))؛ لأنَّ ((أنْ)) عَلَمٌ للاستقبال، وفيه بحثٌ، وهو ما ذَكَره الإمامُ عند قوله: ﴿وَمِنْ آيَاتِهِ أَن تَقُومَ السَّمَاءُ وَالْأَرْضُ بِأَمْرِهِ﴾ قال: قال تعالى هاهنا: ﴿أَن تَقُومَ﴾ وقبلَه: ﴿وَمِنْ آيَاتِهِ يُرِيكُمُ الْبَرْقَ﴾ ولم يقل: وأنْ يُريكم، وذلك أنَّ القيامَ لما كان غير مُتعيّن أخرجَ الفعل بـ ((أنْ)) وجَعل في تأويل المصدر ليدلَّ على الثُّبوت وإِراءَةُ البرقِ لما كانت من الأمورِ المتجَدّدة، لم يَذكر معها ما يدلُّ على المصدر.


الصفحة التالية
Icon