عن دينهم وأمروهم أن يشركوا بى غيرى» وقوله عليه السلام: "كل مولوٍد يولد على الفطرة حتى يكون أبواه هما اللذان يهوّدانه وينصرانه»، (لا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ الله) أى: ما ينبغي أن تبدّل تلك الفطرة أو تغير. فإن قلت: لم وحد الخطاب أولًا، ثم جمع؟ قلت: خوطب رسول الله ﷺ أولًا، وخطاب الرسول خطاب لأمته مع ما فيه من التعظيم للإمام، ثم جمع بعد ذلك للبيان والتلخيص، (مِنَ الَّذِينَ) بدل من المشركين، (فَرَّقُوا دِينَهُمْ) تركوا دين الإسلام. وقرئ: (فرّقوا دينهم) بالتشديد، أى: جعلوه أديانًا مختلفة لاختلاف أهوائهم (وَكانُوا شِيَعاً) فرقًا، كل واحدةٍ تشايع إمامها الذي أضلها، (كُلُّ حِزْبٍ) منهم فرح بمذهبه مسرور، يحسب باطله حقًا ويجوز أن يكون (مِنَ الَّذِينَ) منقطعًا مما قبله، ومعناه: من المفارقين دينهم كل حزٍب فرحين
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
اجتالَتْهُم: استخفَّتهم، فجالُوا معهم، يُقال للقوم إذا تَرَكوا القَصْدَ والهُدى: اجتالَتْهُمُ الشَّياطينُ؛ أي: جالُوا معهم في الضَّلالة.
قوله: (وقرئ: ﴿فَرَّقُوا﴾، حمزة والكسائي: ((فارقوا))، والباقون: ﴿فَرَّقُوا﴾.
قوله: (ويجوز أن يكون ﴿مِنَ الَّذِينَ﴾ منقطعًا ممّا قبلَه) أي: لم يكن بَدَلاً من المشركين بإعادة الجارِّ، ويكون خبرًا، والمبتدأ: ﴿كُلُّ حِزْبٍ﴾، و ((فرحون بما لديهم)) وصفُه؛ فعلى هذا الآيةُ عامَّةٌ.
روى الواحديُّ عن مقاتل: كلُّ أهل مكّةَ بما عندهم من الدِّين راضون.
وسبيل الآية مع قولِه: ﴿فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَتَ اللَّهِ﴾ الآية، سبيلُ قولِه تعالى: ﴿وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ﴾ [الأنعام: ١٥٣]؛ لأن وِزانَ الآيةِ الآخرة ووزِانَ الآيةِ الآخرة وزِانُ قولهِ: ﴿إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا لَّسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ﴾ [الأنعام: ١٥٩].


الصفحة التالية
Icon