وما غشيتموه أو رهقتموه من إعطاء ربا. وقرئ: (لتربوا)، أى: لتزيدوا في أموالهم، كقوله تعالى: (وَيُرْبِي الصَّدَقاتِ) أى يزيدها. وقوله تعالى: (فَأُولئِكَ هُمُ الْمُضْعِفُونَ) التفات حسن، كأنه قال لملائكته وخواص خلقه: فأولئك الذين يريدون وجه الله بصدقاتهم: هم المضعفون. فهو أمدح لهم من أن يقول: فأنتم المضعفون. والمعنى: المضعفون به؛ لأنه لا بد من ضمير يرجع إلى ما، ووجه آخر: وهو أن يكون تقديره: فمؤتوه أولئك هم المضعفون. والحذف لما في الكلام من الدليل عليه، وهذا أسهل مأخذًا، والأوّل أملأ بالفائدة.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أي: لتصيروا ذوي زيادةٍ. من قولهم: أقوى الرَّجلُ وأضعَفَ: إذا صار ذا دابَّة قويٍّ وضعيفٍ في ((المطلع)).
قوله: (فهو أمدحُ لهم من أن يقول: فأنتُم المُضْعِفُون)؛ لأنَّه إذا التفت إلى الغير شاكرًا لصنيعهم واستحمادًا منه لهم وترغيبًا له فيما نالوا به هذه المنزلة، كان أبلغَ وأبلَ ممّا لو قال لهم: فأنتم المُضعِفُون. وإليه الإشارةُ بقوله: ((كأنّه قال لملائكتِه وخواصِّ خَلْقِه: فأولئك [الذين] يُريدون وَجْهَ الله)) مباهاةً بهم.
وأيضًا فيه إشعارٌ بأنَّ أولئك محقُّون بأنْ يكونوا مُضعِفيَن لاكتسابهم تلك الفضيلةَ، وليس في ((فأنتم المُضْعِفُون)) من ذلك شيءٌ.
قوله: (فمُؤْتُوه) روي بضمِّ التاء؛ اسمُ فاعِلٍ من الإيتاء، ورويَ بفتحها؛ اسم مفعولٍ.
وفي الحاشية: الصوابُ: ((فمُؤتَوْهُ)) بفتح التّاء، والمراد به: أخْذُ الزَّكاة تفضيلاً لهم على أخذِ الرِّبا.
قوله: (وهذا أسهلُ مأخذًا والأوّل أملأُ بالفائدة)، قال صاحب ((التقريب)): والأوَّلُ أملأُ بالفائدة لدقيقةِ الالتفاتِ، والثاني أسهلُ مأخذًا؛ لأنَّ حَذْفَ المبتدأ أكثرُ في الكلام،


الصفحة التالية
Icon