أو القرآن. فإن قلت: القراءة بالضم بينة، لأن النضر كان غرضه باشتراء اللهو: أن يصدّ الناس عن الدخول في الإسلام واستماع القرآن ويضلهم عنه، فما معنى القراءة بالفتح؟ قلت: فيه معنيان، أحدهما: ليثبت على ضلاله الذي كان عليه، ولا يصدف عنه، ويزيد فيه ويمدّه، فإن المخذول كان شديد الشكيمة في عداوة الدين وصدّ الناس عنه. والثاني: أن يوضع (ليضل) موضع (ليضل) من قبل أن من أضل كان ضالًا لا محالة، فدل بالرديف على المردوف. فإن قلت: ما معنى قوله: (بِغَيْرِ عِلْمٍ) قلت: لما جعله مشتريًا لهو الحديث بالقرآن قال: يشترى بغير علم بالتجارة وبغير بصيرة بها، حيث يستبدل الضلال بالهدى والباطل بالحق. ونحوه قوله تعالى: (فَما رَبِحَتْ تِجارَتُهُمْ وَما كانُوا مُهْتَدِينَ)] البقرة: ١٦ [أى: وما كانوا مهتدين للتجارة بصراء بها: وقرئ (وَيَتَّخِذَها) بالنصب والرفع عطفًا على (يشترى). أو (ليضل)،
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ادعاءً للشُّهرةِ، وكان المَخذُول أي: النَّضْرُ مشهورًا في إضلال الناسِ باشتراء اللهو، فإذا قيل له: ضالٌّ، جاز أن يكون منه الإضلال بقرائن الأحوال.
قوله: (لمّا جعله مشتريًا لهْوَ الحديثِ بالقرآن) إلى آخره. تلخيصُه: أنَّه لما استُعير استبدالُ الضّلالِ بالهدى، والباطلِ بالحقِّ: الشِّراءُ، نُظِر إلى المُستعار له، وجيء بوَصْفٍ ملائمٍ له، فكان تجريدًا للاستعارة كما أنَّ قولَه: ﴿رَبِحَت تِّجَارَتُهُمْ﴾ [البقرة: ١٦] ترشيحٌ لتلك الآيةِ ﴿وَمَا كَانُوا مُهْتَدِينَ﴾ [البقرة: ١٦] تجريدٌ لها، وقد سَبَق في ((البقرة)) تقريرُه.
قوله: (﴿وَيَتَّخِذَهَا﴾ بالنَّصبِ والرَّفع) بالنَّصب: حفصٌ وحمزةُ والكسائيُّ، والباقون: بالرَّفع.
قال صاحب ((الكشف)): النَّصبُ على العطف على ﴿لِيُضِلَّ﴾، والرَّفعُ على ﴿يَشْتَرِي﴾؛ أي: مَنْ يشتري لَهْوَ الحديثِ ويتَّخذُها هُزُوًا، وما بين ((يشتري)) و ((يتَّخذ)) مِنَ الصِّلة ليس


الصفحة التالية
Icon