شاهق، فاحتاط لنفسه بأن استمسك بأوثق عروةٍ من حبٍل متيٍن مأموٍن انقطاعه (وَإِلَى الله عاقِبَةُ الْأُمُورِ) أى: هي صائرة إليه.
[(وَمَنْ كَفَرَ فَلا يَحْزُنْكَ كُفْرُهُ إِلَيْنا مَرْجِعُهُمْ فَنُنَبِّئُهُمْ بِما عَمِلُوا إِنَّ الله عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ (٢٣) نُمَتِّعُهُمْ قَلِيلاً ثُمَّ نَضْطَرُّهُمْ إِلى عَذابٍ غَلِيظٍ)] ٢٣ - ٢٤ [
قرئ: "يحزنك" و (يحزنك) من: حزن وأحزن. والذي عليه الاستعمال المستفيض: أحزنه ويحزنه. والمعنى: لا يهمنك كفر من كفر وكيده للإسلام، فإن الله عزّ وجلّ دافع كيده في نحره، ومنتقم منه، ومعاقبه على عمله (إِنَّ الله) يعلم ما في صدور عباده، فيفعل بهم على حسبه. (نُمَتِّعُهُمْ) زمانا (قَلِيلًا) بدنياهم (ثُمَّ نَضْطَرُّهُمْ إِلى عَذابٍ غَلِيظٍ)؛ شبه إلزامهم التعذيب وإرهاقهم إياه باضطرار المضطرّ إلى الشيء الذي
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (قرئ: ((يُحْزِنْكَ)) و ﴿يَحْزُنكَ﴾)، الأولى: لنافعٍ، والثانية: لغيره.
قوله: (والذي عليه الاستعمال) أي: يستعملون ((أَحزَنَ)) في الماضي، و ((يَحزُنُ)) في المستقبل.
قوله: (شَبَّه إلزامَهم التَّعذيبَ) وقوله: (الغِلَظُ: مُستعارٌ من الأجرام) يؤذن أن في هذه الفاصلة استعارتينِ تَبَعيَّتينِ:
إحداهما: في قوله: ﴿نَضْطَرُّهُمْ﴾ فإنّه شبَّه إلزامَهم التعذيبَ باضطرارِ المُضطَرِّ إلى الشيء، فاستُعير له الاضظرار ثم سَرَى منه إلى الفعل.
وثانيتهما: وَصْفُ العذاب بالغَليظ، وهو صفةٌ مشبَّهةٌ تُوصَفُ بها الأجسام. والاستعارةُ الأُولى واقعةٌ على سبيل التَّمثيل، ومن ثَمَّ اعتبر أمورًا متوهَّمة.


الصفحة التالية
Icon