لحسناتك ونسيانك لسيئاتك غرّة. وقرئ بضم الغين، وهو مصدر غره غرورًا، وجعل الغرور غارّا، كما قيل: جدّ جدّه. أو: أريد زينة الدنيا لأنها غرور. فإن قلت: قوله: (وَلا مَوْلُودٌ هُوَ جازٍ عَنْ والِدِهِ شَيْئاً) وارٌد على طريٍق من التوكيد لم يرد عليه ما هو معطوٌف عليه. قلت: الأمر كذلك؛ لأنّ الجملة الاسمية آكد من الفعلية، وقد
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (وقرئ بضمِّ الغَيْن) قال ابن جِنِّي: وهي قراءة سماك بن حرب، والغَرورُ: الاغْتِرارُ؛ أي: لا يَغرنَّكم اغتِرارُكم وتَمادي السَّلامةِ بكم.
الراغب: يقال: غَرَرْتُ فلانًا: أصبْتُ غِرَّتَه ونِلْتُ منه ما أريده، فالغِرَّةُ: غفلة في اليَقظة، والغِرارُ: غَفْلةٌ مع غَفوة، وأَصلُ ذلك من الغُرِّ، وهو الأثرُ الظّاهرُ من الشيء، ومنه غُرَّةُ الفَرَسِ، وغَرُّ الثَّوب: أَثَرُ كَسْرهِ، وقيل: اطْوِهِ على غَرِّه، وغَرَّه كذا غُرورًا، كأنَّما طواه على غَرِّه، والغَرورُ: كُلُّ ما يَغُرُّ الإنسانَ مِنْ مالٍ وجاهٍ وشهواتٍ وشيطانٍ، وقد فُسِّرَ بالشَّيطانِ لأنَّه أَخْبثُ الغارِّين.
قوله: (واردٌ على طريقٍ من التَّوكيدِ لم يَرِدْ عليه ما هو معطوفٌ عليه) قال صاحب ((التقريب)): لكون الجملةِ اسميَّةً، ولفظ ﴿هُوَ﴾ و ﴿مَوْلُودٌ﴾ والتصريح بلفظ ﴿شَيْئًا﴾ فيه ولفظ ﴿جَازٍ﴾ مع أن قوله: هو يجزي لا يخرجها عن الاسميَّةِ، وأنَّ العُمومَ في ﴿مَوْلُودٌ﴾ بملاصَقةِ النَّفيِ وفي ﴿وَالِدُ﴾ بسياق النَّفي، وأنَّ الثّاني مسبوق بـ ((ما)) وهو عدمُ إغناءِ الوالدِ عن ولدِه، وأنه كان مكررًا، إذ ربما يفهم العقل من الأول الإقناط، ويقيس عليه


الصفحة التالية
Icon