ذلك الأمر كله؛ أى يصير إليه ليحكم (فيه فِي يَوْمٍ كانَ مِقْدارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ) وهو يوم القيامة. وقرأ ابن أبى عبلة: (يعرج) على البناء للمفعول
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
فسواءٌ يعبَّر بالألف أو بالخمسين [ألفًا لا يتفاوت]. نعم المبالغةُ في الخمسين أكثر.
وأما على الوجه الأخيرِ فإنَّ طُولَ يوم القيامةِ يَمتدُّ إلى خمسينَ ألفَ سنةٍ، وفي هذه المدَّة يتصلُ عُروجُ الملائكةِ ونُزولها لشؤون أنفُسِهم العبادِ، ومنها ألفُ سنةٍ بحَسْبِ تقديرِ العبادِ يَحكمُ فيها سبحانه وتعالى فيما يَرجعُ من شؤون عبادِه ممَّا تَقَعُ عليه المحاسبة، وإذا ليس في تلك المدَّةِ كلَّها الحسابُ؛ لأنَّ فيها الوقوفُ متحيِّرينَ، ثم تقعُ الشَّفاعة، ثم يكون الجوازُ على الصِّراطِ، ثم يكونُ المصيرُ إمّا إلى الجنَّةِ أو إلى النارِ.
ويمكن أن يُرادَ به شدَّة اليومِ وهَوْلُه على الكافِرِ، وعلى المؤمن دُونَ ذلك بحَسْبِ السَّعادةِ والشَّقاوةِ. رواه مُحيي السُّنة في ((المعالم)).
وفي ((شرح السُّنة)): عن أبي سعيد: قِيل لرسول الله صلى الله عليه وسلم: يومًا كان مقدارُه خمسينَ ألفَ سنة، فما أطولَ هذا اليومَ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((والَّذي نَفسي بيده، إنَّه لَيُخَفَّفُ على المؤمن حتّى يكون أخَفَّ عليه من صلاةٍ مكتوبةٍ يُصلّيها في الدُّنيا)). يدلُّ عليه قولُه: ﴿فَاصْبِرْ صَبْرًا جَمِيلًا﴾ [المعارج: ٥]، فإنَّه تَصبيرٌ لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وما كان من النَّضْر بنِ الحارث معه من استعجالِه العذابَ استهزاءً وتكذيبًا، يعني: هذا الكافرُ يَستعجلُ العذابَ، وإنَّ قُدَّامَه يومٌ حالُه في شدَّته وفظاعتِه ذلك.
ويُشبه أن يكونَ هذا من المُتَشابَهِ الذي استأثرَ الله به. روى مُحيي السُّنة عن ابن أبي مُليكةَ أنه قال: سأل فيروز ابنَ عبّاسِ عن الآيتينِ، فقال له: أيّامٌ سمّاها الله تعالى لا أدري ما هي، وأكرهُ أن أقولَ في كتابِ الله ما لا أعلمُ.


الصفحة التالية
Icon