أي: كل شيء خلقه فقد أحسنه. سميت الذرية نسلًا؛ لأنها تنسل منه، أى: تنفصل منه وتخرج من صلبه ونحوه قولهم للولد: سليل ونجل، و (سَوَّاهُ) قوّمه، كقوله تعالى: (فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ)] التين: ٤ [ودل بإضافة الروح إلى ذاته على أنه خلق عجيب لا يعلم كنهه إلا هو، كقوله: (وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ) الآية] الإسراء: ٨٥ [كأنه قال: ونفخ فيه من الشيء الذي اختص هو به وبمعرفته.
[وَقالُوا أَإِذا ضَلَلْنا فِي الْأَرْضِ أَإِنَّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ بَلْ هُمْ بِلِقاءِ رَبِّهِمْ كافِرُونَ (١٠) قُلْ يَتَوَفَّاكُمْ مَلَكُ الْمَوْتِ الَّذِي وُكِّلَ بِكُمْ ثُمَّ إِلى رَبِّكُمْ تُرْجَعُونَ)] ١٠ - ١١ [
وَ (قالُوا) قيل: القائل أبى بن خلف، ولرضاهم بقوله أسند إليهم جميعًا. وقرئ: (أءنا)، و (إنا) على الاستفهام وتركه. (ضَلَلْنا) صرنا ترابا، وذهبنا مختلطين بتراب
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وفي ((الحُجَّة)): ﴿خَلْقَهُ﴾ منصوبٌ على المفعول المُطلَق من قوله: ﴿الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ﴾ والضميرُ لله كقوله: ﴿صُنْعَ اللَّهِ﴾ [النمل: ٨٨]، و ﴿وَعْدَ اللهِ﴾ [النساء: ١٢٢]. قال: هو مذهبُ سِيبَويه، ويجوز البَدَلُ.
قوله: (لأنَّها تَنسِلُ منه) نَسَل الوَبْرُ وريشُ الطائرِ بنفسه يتعدَّى ولا يتعدَّى.
قوله: (ونَفخَ فيه مِن الشَّيء الَّذي اختَصَّ هو بهِ وبمعرفتهِ)، هذا معنى الإضافةِ؛ لأنه لا يُضافُ إلى الله إلاَّ مالَه فَخامةٌ في نَفسِه، إذ كلُّ شيءٍ مملوكُه ومختصٌّ به؛ كقولك: بيتُ الله، وناقةُ الله.
قال القاضي: أضافه إلى نفسِه تَشريفًا [له] وإشعارًا بأنّه خَلْق عَجيبٌ، وأنَّ له شأنًا وله مناسبةً ما إلى الحضرة الرُّبوبية؛ ولأجله قيلَ: مَنْ عَرف نفسَه فقد عَرف ربَّه.
قوله: (وقرئ: ﴿أَءِنَّا﴾ و ((إنّا)) على الاستفهام وتَرْكِه)، بتَرْكِه: نافعٌ، والباقون: بالاستفهام.


الصفحة التالية
Icon