عليه حامدين له (وَهُمْ لا يَسْتَكْبِرُونَ) كما يفعل من يصر (مستكبرا كأن لم يسمعها)] لقمان: ٧ [، ومثله قوله تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مِنْ قَبْلِهِ إِذا يُتْلى عَلَيْهِمْ يَخِرُّونَ لِلْأَذْقانِ سُجَّداً وَيَقُولُونَ سُبْحانَ رَبِّنا)] الإسراء: ١٠٧ - ١٠٨ [. (تَتَجافى) ترتفع
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
العقل عن أن يَحكم في الأمورِ الدِّينيةِ بالحُسْنِ والقُبْح، ويَدُلُّ على الخضوعِ تَتميمُ الآيةِ بقولهِ: ﴿وَهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ﴾.
ثمَّ إنَّ الآيةَ مقابلةٌ لقوله تعالى: ﴿أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ﴾ في ﴿الَمَ* تَنزِيلُ الْكِتَابِ لَا رَيْبَ فِيهِ مِن رَّبِّ الْعَالَمِينَ * أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ بَلْ هُوَ الْحَقُّ مِن رَّبِّكَ﴾ يدلُّ عليه قولُه: ﴿أَفَمَن كَانَ مُؤْمِنًا كَمَن كَانَ فَاسِقًا لَّا يَسْتَوُونَ﴾ إلى قوله: ﴿وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّن ذُكِّرَ بِآيَاتِ رَبِّهِ ثُمَّ أَعْرَضَ عَنْهَا﴾.
قوله: (﴿تَتَجَافَى﴾: تَرتفع) يَتجافى جَنْبُه عن كذا، يجوز أن يكون ﴿تَتَجَافَى﴾ مُستأنفًا؛ فلا محلَّ له من الإعراب، ويجوز أن يكون حالاً من المُضمَرِ في ﴿خَرُّوا﴾ وكذلك ﴿يَدْعُونَ﴾ في موضع الحال، وكذلك ﴿سُجَّدًا﴾، وكذلك ﴿وَهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ﴾، وكذلك قولُه: ﴿وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ﴾ كلُّها أحوالٌ من المُضمَر الذي في الحال قبلَه.
الراغب: أصلُ الجَنْبِ الجارحةُ، ثم يُستعار للنّاحية التي تليها كعادتهم في استعارة سائرِ الجوارحِ، لذلك نحوَ اليمينِ والشِّمال؛ كقول الشاعر:
من عن يميني مرّةً وأمامي
وقيل: جَنْب الحائطِ وجانبُه، ﴿وَالصَّاحِبِ بِالْجَنبِ﴾ أي: القريب. وقوله: ﴿فِي جَنبِ اللَّهِ﴾ [الزُّمَر: ٥٦]؛ أي: في أمره وَحَدِّه الذي حدَّه لنا، وسار جَنِيبَه وجنيبته وجنابَيْه وجَنابَتَيْهِ، وجَنَبتُه أصبْتَ جَنْبَه: نحو: كَبَدْتُه وفأَدْتُه، وجُنِبَ: شَكى جَنْبَه، وجنبَ فلانٌ: أبعدَ عن الخير، وكذلك يقال في الدُّعاء في الخير، وسمِّيت الجَنابةُ بذلك؛ لكونها سببًا لتجنُّبِ الصَّلاة.


الصفحة التالية
Icon