[أَوَ لَمْ يَهْدِ لَهُمْ كَمْ أَهْلَكْنا مِنْ قَبْلِهِمْ مِنَ الْقُرُونِ يَمْشُونَ فِي مَساكِنِهِمْ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ أَفَلا يَسْمَعُونَ)] ٢٦ [
الواو في (أَوَ لَمْ يَهْدِ) للعطف على معطوٍف عليه منوي من جنس المعطوف، والضمير في (لَهُمْ) لأهل مكة. وقرئ بالنون والياء، والفاعل ما دلّ عليه (كَمْ أَهْلَكْنا) لأنّ (كم) لا تقع فاعلة، لا يقال: جاءني كم رجل، تقديره: أو لم يهد لهم كثرة إهلاكنا القرون. أو هذا الكلام كما هو بمضمونه ومعناه، كقولك: تعصم لا إله إلا الله الدماء والأموال. ويجوز أن يكون فيه ضمير (الله) بدلالة القراءة بالنون. و (الْقُرُونِ) عاد وثمود وقوم لوط (يَمْشُونَ فِي مَساكِنِهِمْ) يعنى: أهل مكة،
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (الواوُ في ﴿أَوَلَمْ يَهْدِ﴾ للعطف على معطوفٍ عليه [منويٍّ] من جنس المعطوفِ)، أي: ألم نُنَبِّههُم ولم يَهْدِ لهم كم أهلكنا من قَبلِهم، يعني: قلنا لهم: سيروا في الأرض ثم انظُروا كيف كان عاقبةُ الذين من قبلكم.
قوله: (وقُرئ بالنُّون والياء) الياءُ: مشهورةٌ، والنُّون: شاذَّة.
قال الفَرّاءُ: ﴿كَمْ﴾ في موضع رفع بـ ﴿يَهْدِ﴾، كأنَّكَ قُلتَ: أو لمْ يهدِ لهم القرونُ الهالكةُ فيتَّعظوا.
قال الزَّجاج: عند البصريِّينَ لا يجوز أن يعمل ما قبل ((كم)) في ((كم))، فلا يجوز في قولك: كم رجلٌ جاءني: جاءني كم رجل؛ لأنَّ كم تزال عن الابتداء، و ((كم)) هاهنا في موضع نصب بـ ﴿أَهْلَكْنَا﴾ وفاعل يهدي ما دلَّ عليه المعنى فيما سلف، وتكون ((كم)) أيضًا دليلاً على الفاعل في ﴿يَهْدِ﴾، ويدلُّ عليه قراءةُ مَنْ قرأ: ﴿أولم نَهدِ لهم﴾؛ أي: أو لم نبيِّن لهم.


الصفحة التالية
Icon