أوقعه في الإخبار في قوله: (مُحَمَّدٌ رَسُولُ الله)] الفتح: ٢٩ [، (وَما مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ)] آل عمران: ١٤٤ [. قلت: ذاك لتعليم الناس بأنه رسول الله، وتلقين لهم أن يسموه بذلك ويدعوه به، فلا تفاوت بين النداء والإخبار، ألا ترى إلى ما لم يقصد به التعليم والتلقين من الأخبار كيف ذكره بنحو ما ذكره في النداء: (لَقَدْ جاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ)] التوبة: ١٢٨ [، (وَقالَ الرَّسُولُ يا رَبِّ)] الفرقان: ٣٠ [، (لَقَدْ كانَ لَكُمْ فِي
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
يا خاتمَ النَّبئين إنّك مُرْسَلٌ | بالحقِّ كلُّ هُدى السبيلِ هداكا |
وعن الراغب: النبوَّةُ: سِفارةٌ بينَ الله عزَّ وجَلَّ وبين ذَوي العُقول مِن عباده لإزاحةِ عِلَلِهم في أمْرِ معادِهم وومعاشِهم، والنبيُّ لكونِه مُنَبّئًا بما تسكُنُ إليه العقولُ الزكية يصحُّ أن يكونَ بمعنى فاعلٍ، لقولِه تعالى ﴿نَبِّئْ عِبَادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ﴾ [الحِجْر: ٤٩]، وأن يكونَ بمعنى مفعولٍ، لقولِه ﴿نَبَّأَنِيَ الْعَلِيمُ الْخَبِيرُ﴾ [التحريم: ٣].
وقلتُ: والذي يقتضيه هذا المقامُ من التنويهِ أنّ قولَه: ﴿وَلَا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَالْمُنَافِقِينَ﴾ خطابٌ فَظيعٌ هائلٌ خصوصًا مُهِّدَ بقولِه: ﴿اتَّقِ اللَّهَ﴾ فصَدَّر بما يَنْجَبِرُ به تلك الفظاعة، يعني: يا مَنْ تصدّي لمنصبِ النُبوة، كيفَ يليقُ بكَ طاعةُ أعداءِ الدين؟ ! ومن الأسلوبِ قولُه تعالى ﴿عَفَا اللَّهُ عَنكَ لِمَ أَذِنتَ لَهُمْ﴾ [التوبة: ٤٣] ابتدأ بالعَفْوِ ثم إبداءِ الذنب.