من: أظهر، بمعنى: تظهر، و (تظهرون) من: ظهر، بمعنى: ظاهر، كعقد بمعنى: عاقد. و (تظهرون) من: ظهر، بلفظ: فعل، من الظهور. ومعنى "ظاهر من امرأته": قال لها: أنت علىّ كظهر أمى. ونحوه في العبارة عن اللفظ: لبى المحرم؛ إذا قال لبيك، وأفف الرجل؛ إذا قال: أف، وأخوات لهنّ. فإن قلت: فما وجه تعديته وأخواته بـ"من"؟ قلت: كان الظهار طلاقًا عند أهل الجاهلية، فكانوا يتجنبون المرأة المظاهر منها كما يتجنبون المطلقة، فكان قولهم: تظاهر منها: تباعد منها بجهة الظهار، وتظهر منها: تحرز منها، وظاهر منها: حاذر منها، وظهر منها: وحش منها، وظهر منها: خلص منها. ونظيره: آلى من امرأته، لما ضمن معنى التباعد منها عدّى بـ"من"، وإلا فـ"آلى" في أصله الذي هو بمعنى: حلف وأقسم، ليس هذا بحكمه. فإن قلت: ما معنى قولهم: أنت علىّ كظهر أمى؟ قلت: أرادوا أن يقولوا: أنت علىّ حرام كبطن أمى، فكنوا عن البطن بالظهر؛ لئلا يذكروا البطن الذي ذكره يقارب ذكر الفرج، وإنما جعلوا الكناية عن البطن بالظهر لأنه عمود البطن، ومنه حديث عمر رضى الله عنه: "يجيء به أحدهم على عمود بطنه". أراد: على ظهره. ووجه آخر؛ وهو أن إتيان المرأة
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الشيءُ أصْلُه: أن يحصُلَ على ظَهْرِ الأرض، وبَطَنَ إذا حصَلَ في بُطْنانِ الأرض فيَخْفى، ثم صارَ مُسْتعملاً لكلِّ بارزٍ للبَصَرِ والبصيرة.
قولُه: (ومنه حديثُ عُمرَ رضيَ الله عنه: ((يجيءُ [به] أحدُهم)))، أي: يجيءُ بالغَلَّة أحدُ التُّجارِ على ظهرِه، وأنتم تَخرجونَ وتتلقَّوْنَهم تَشْرونها منهم أرخَصَ من سِعْرِ البلد. ذكَر في ((المُغْرب)): قال عُمرُ رضيَ الله عنه: ((أيُّما جالبٍ جَلَبَ على عَمودِ بَطْنِه، فإنّه يَبيعُ أنّى شاء ومتى شاء))، يعني الظَّهْرَ؛ لأنّه قِوامُ البطن ومِساكُه. وعن الليث: هو عرق يمتد من الرُّهابةِ إلى السُّرَّةِ. قال أبو عُبَيْد: هذا مَثَلٌ والمرادُ أنه به في تَعبٍ ومَشقّةٍ لا أنه يحمِلُه على


الصفحة التالية
Icon