الجاهلية إذا أعجبه جلد الرجل وظرفه ضمه إلى نفسه، وجعل له مثل نصيب الذكر من أولاده من ميراثه، وكان ينسب إليه فيقال: فلان ابن فلان. (فَإِنْ لَمْ تَعْلَمُوا) لهم آباء تنسبونهم إليهم (فـ) هم (إِخْوانُكُمْ فِي الدِّينِ) وأولياؤكم في الدين، فقولوا: هذا أخى، وهذا مولاي، ويا أخى، ويا مولاي، يريد الأخوّة في الدين والولاية فيه. (ما تَعَمَّدَتْ) في محل الجرّ عطفا على "ما أخطأتم"، ويجوز أن يكون مرتفعًا على
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
مِنوالِ: فُلانٌ ينطِقُ بالحقِّ والحقُّ أبلَج، مِنْ حَقِّ مَنْ يكون كافيًا لكلِّ الأمورِ، حَسيبًا في جَميع ما يرجِعُ إليه أن تُفَوَّضَ الأمورُ إليه ويُتوكَّلَ عليه، وفَصل قولَه ﴿مَّا جَعَلَ اللَّهُ لِرَجُلٍ مِّن قَلْبَيْنِ فِي جَوْفِهِ﴾ على سبيلِ الاستئنافِ تنبيهًا على بعضٍ منْ أباطيلِهم وتمحُّلاتِهم، وقوْلُه: ﴿ذَلِكُمْ قَوْلُكُم بِأَفْوَاهِكُمْ﴾ فَذْلَكةٌ لتلكَ الأقوالِ آذنَتْ بأنّها جَديرَةٌ بأن يُحكَمَ عليها بالبُطلان، وحَقيقٌ بأن يُذَمَّ قائلُها فَضْلاً عن أن يُطاع.
ثمَ وصَل ﴿وَاللَّهُ يَقُولُ الْحَقَّ وَهُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ﴾ على هذه الفَذْلكِة بجامعِ التضادِ على مِنوالِ ما سَبق في المُجْمَلِ في ﴿وَلَا تُطِعِ﴾
﴿وَاتَّبِعْ﴾، وفَصَل قولَه: ﴿ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِندَ اللَّهِ﴾ وقَوْلَه ﴿النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنفُسِهِمْ﴾ وهلُمَّ جَرًّا إلى آخرِ السورة تفصيلاً لقَوْلِ الحقِّ والاهتداءِ إلى السبيلِ القويم، ﴿اللَّهُ يَقُولُ الْحَقَّ وَهُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ﴾، نسألكَ اللهمَّ التوفيقَ للقولِ بالسداد، والهدايةَ لسُبلِ الرشاد.
قولُه: (جَلَدُ الرجلِ وظُرْفُه)، الجَلَدُ والجَلادةُ: الصَّلابةَ، والجَليدُ: ضدُّ البليد، قال أبو بكر الخوارزميّ:
عدوى البليدِ إلى الجليدِ سَريعةٌ | كالجمْرِ يوضَعُ في الرماد فَيخْمَدُ |
الأساس: فيه ظُرْفٌ وظَرافةٌ، أي: كَيْسٌ وذكاءٌ، وقد ظَرُفَ فهو ظَريف.
قولُه: (﴿مَّا تَعَمَّدَتْ﴾ في محلِّ عطفًا على ((ما أخطأتُم))) وقيل: هذا ضَعيفٌ؛ لأنّ