كما كانت تتألف قلوب قوم بإسهاٍم لهم في الصدقات، ثم نسخ ذلك لما دجا الإسلام وعزّ أهله، وجعل التوارث بحق القرابة. (فِي كِتابِ الله): في اللوح، أو: فيما أوحى الله إلى نبيه وهو هذه الآية، أو في آية المواريث، أو فيما فرض الله، كقوله: (كِتابَ الله عَلَيْكُمْ)] النساء: ٢٤ [. (مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُهاجِرِينَ) يجوز أن يكون بيانًا لأولى الأرحام، أى: الأقرباء من هؤلاء بعضهم أولى بأن يرث بعضًا من الأجانب. ويجوز أن يكون لابتداء الغاية، أى: أولو الأرحام بحق القرابة أولى بالميراث من المؤمنين بحق الولاية في الدين، ومن المهاجرين بحق الهجرة. فإن قلت: مم استثنى (أَنْ تَفْعَلُوا)؟ قلت: من أعم العام في معنى النفع والإحسان، كما تقول: القريب
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قولُه: (كما كانت تتألّف)، صفةُ مصدرٍ محذوف أي: يتألفون بالإرث تألفًا كما كانت.
قولُه: (ثم نُسِخَ)، عن بعضِهم أي: نُسِخَ بحديثٍ رواهُ عمرُ رضيَ الله عنه، وقَبلَت الصحابة، لأنَّ الإجماعَ لا يصلُحُ ناسخًا، أو عادَ على موضعِه بالنَّقضِ؛ لأنّ الله تعالى أعزَّ الإسلامَ وأغنى عنهم، وهذا لا يَكونُ مَطابقًا لقولُه: ((نُسِخَ))، والصحيحُ أنه نُسِخَ بقولِه تعالى: ﴿وَأُولُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ﴾.
قولُه: (دَجا الإسلام)، النهاية: أي شاعَ وكَثُر؛ من: دَجا الليل؛ أي: تَمَّتْ ظُلْمتُه ولَبِسَ كل شيء.
قولُه: (ويجوز أن يكونَ لابتداءِ الغاية)، أي: ((مِنْ)) في ﴿مِنَ الْمُؤْمِنِينَ﴾: إما بيانٌ لـ ((أُولى الأرحام))، وصلَةُ ((أولى)) مَحْذوفة، وإليه الإشارةُ بقولُه: ((إلاّ قُربًا مِن هؤلاءِ أولى من الأجانبِ))، أو لابتداءِ الغاية، أي: يكونُ صِلَة.
قولُه: (من أعمِّ العامِّ في معنى النفع)، أي: أولو الأرحامِ أولى من الأجنبيِّ في كلِّ نَفْعٍ إلا في الوصية هو استثناءٌ مفرَّغٌ في الموجِب، نَحْوَ قولك: قرأتُ إلاّ يومَ كذا، خَصَّ