بالصبا، وأهلكت عاد بالدبور". (وَجُنُوداً لَمْ تَرَوْها) وهم الملائكة، وكانوا ألفا، بعث الله عليهم صبًا باردة في ليلةٍ شاتية، فأخصرتهم وسفت التراب في وجوههم، وأمر الملائكة فقلعت الأوتاد، وقطعت الأطناب، وأطفأت النيران، وأكفأت القدور، وما جت الخيل بعضها في بعض، وقذف في قلوبهم الرعب، وكبرت الملائكة في جوانب عسكرهم، فقال طليحة بن خويلد الأسدى: أما محمد فقد بدأكم بالسحر، فالنجاء النجاء! فانهزموا من غير قتال، وحين سمع رسول الله ﷺ بإقبالهم ضرب الخندق على المدينة، أشار عليه بذلك سلمان الفارسي رضى الله عنه، ثم خرج في ثلاثة آلاٍف من المسلمين فضرب معسكره والخندق بينه وبين القوم، وأمر بالذراري والنساء فرفعوا في الآطام، واشتدّ الخوف، وظن المؤمنون كل ظن، ونجم النفاق من
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قال: ((نعَمْ اللهمَّ استُرْ عوراتِنا وآمِن روعاتِنا)) قال: فضربَ الله وجوهَ أعدائِه بالريح، فهزمَهم الله بالريح.
قولُه: (فأخصَرَتْهُم)، الأساس: يومٌ خَصِرٌ: بارد، وخَصِرَتْ أناملُه من البَرْدِ وأخْصَرَها القَرُّ.
قولُه: (وأكفأتِ القُدورَ)، أي: كَبَّتْها وقَلبَتْها، والفاعلُ: الريح.
قولُه: (فالنجاءَ النجاءَ)، النهاية: أي: انجُوا بأنفُسِكم. وهو مَصْدرٌ بفِعْلٍ مُضْمَر، أي انجوا النجاءَ.
قولُه: (في الآطام)، النهاية: واحدها: أُطُم، وكلُّ بناءٍ مُرْتفعٍ، يعني: أبنيتَها المرتفعَة كالحصون.
قولُه: (ونَجَمَ النفاق)، النهاية: كلُّ ما طلعَ وظَهر فقد نجَم.


الصفحة التالية
Icon